الشهداء يصنعون اقدراهم. يقررون المسار، ويختارون الطريق، ثم يتقدمون مخترقين المستحيل وهم يعرفون النهاية المحتومة: النصر او القبر.
ماجد ابو شرار كان واحداً من هؤلاء: كان دائماً في عجلة من أمره، فالثورة لا تنتظر قهوة الصباح، ومطاردة العدو للثوار لا تعترف بالحدود.. فإذا اخترت الطريق كنت تقرر قدرك.
ولقد سعيت إلى صداقة هذا الثائر المثقف الذي يعرف عن العدو كل ما يتوجب عليه أن يعرفه، غوصاً في التاريخ، وقراءة متأنية في مواقف الدول والتحولات السياسية التي لا يمكن فهمها بعيداً عن الاقتصاد، والاقتصاد ذهب يمكن لمالكه أن يكتب القرار بما يناسب مصالحه.
لهذا فقد كان ماجد ابو شرار يعرف العدو الاسرائيلي كما لم يعرفه الآخرون: كان يعرف تاريخ الحركة الصهيونية وعلاقتها الممتدة بالانشقاق البروتستانتي عن الكاثوليكية بذريعة مقاتلة الارثوذكسية، وبالتالي أسرار التأثير الهائل للحركة الصهيونية على السياسة الاميركية، امتداداً لتأثيرها على القرار البريطاني.
كان ماجد ابو شرار مختلفاً عن أقرانه ورفاقه في قيادة “فتح”، فهو بين اكثرهم ثقافة، وبين اوسعهم اطلاعاً على التاريخ، وبين اعرفهم بتاريخ الحركة الثورية في فلسطين، بعمقها التاريخي الذي يحكمها بأن تكون “عربية” المنطلق، اممية الدعوة بوصفها حركة تحرر وطني لها هويتها المؤكدة يمتد حبل رحمها من القاهرة إلى دمشق فبغداد مروراً ببيروت كمكبر صوت ومنتدى فكري تصل اصداؤه إلى طرابلس والجزائر والرباط، وتشد اليها الشعوب المقهورة، وتلفت نظر عواصم القرار إلى مصدر الخطر.
وكنا نخاف على ماجد ابو شرار أكثر من خوفنا على رفاقه في الصف الاول من المجاهدين، ربما لأننا كنا نقدر أن العدو الاسرائيلي يحاول تصفية العقول في حركة الثورة الفلسطينية الذين يملكون ما يقدمونه لشعبهم في السياسة كما في العمل الفكري والاتصال بحركة التقدم العالمية، المعادية بطبيعتها للاستعمار والامبريالية وقد اجتمعا في الصهيونية.
ربما لذلك لم نُفاجأ حين امتدت يد الغدر إلى ماجد ابو شرار في روما..
ولذلك نعيش يقيناً بأن ماجد ابو شرار في مهمة سرية.. ولسوف ينجزها مع تحرير فلسطين!