طلال سلمان

مئوية الكيان: هليِّ ع الريح!

إنها “مئوية” هذا الكيان اللبناني الذي رُسمت خريطته في باريس وبإشراف مباشر من البطريرك الماروني، آنذاك، إلياس الحويك.

خريطة الكيان رسمت بقلم البطريرك الحويك.. على أن رئيس الجمهورية المستولدة قيصرياً لم يصبح مارونياً إلا بعد استقلال “الدولة” في 22 تشرين الثاني 1943، وبعدما اعتقلت سلطات الإنتداب الفرنسي الرئيس بشاره الخوري ومعه عدد من الوزراء والنواب وأودعتهم سجن سرايا راشيا، على الحد الفاصل بين البقاع الغربي والجنوب، لتبقيهم هناك لمدة أحد عشر يوماً.. ولقد اعتبر يوم اطلاقهم، 22 /11/1943 عيداً وطنياً وبات “الإستقلال” حقيقة في انتظار أن يتم الجلاء مع نهاية العام 1945.

منذ ذلك اليوم بات يوم الثاني والعشرين من تشرين الثاني عيد الإستقلال، تحتفل فيه الدولة (والشعب) بعرض عسكري كبير يحضره رئيس الجمهورية والحكومة والنواب وكبار المسؤولين إضافة للسفراء المعتمدين في لبنان، ويردد اللبنانيون نشيدهم الوطني الذي نظمه الشاعر ابن الباروك رشيد نخلة: كلنا للوطن، للعلى للعلم..

ولقد مر لبنان بمحن كثيرة، فخلع أول رئيس لجمهوريته المستقلة، الشيخ بشارة الخوري، نتيجة معارضة شعبية واسعة لتجديد ولايته مرة ثانية، بين أسبابها أن آخاه الشيخ سليم الخوري تصرف على أنه الحاكم بأمره، وكان خصومه يعتبرونه “السلطان سليم”.. وهكذا قفز إلى السلطة كميل نمر شمعون الذي كان مع كمال جنبلاط مؤسس الجبهة الوطنية، التي اندثرت بعد ذلك، خصوصاً وأن كمال جنبلاط لم يجد لنفسه مكاناً لائقاً .. إلا في المعارضة.

ولسوف يتعرض لبنان في عهد كميل شمعون لهزات عنيفة، كانت الأولى إثر العدوان الثلاثي على مصر (خريف 1956) وقد شاركت فيه بريطانيا وفرنسا مع العدو الإسرائيلي.. لكن مصر بقيادة جمال عبد الناصر صمدت حتى جاء النصر عظيماً، خصوصاً وقد عارضته الدولتان الأقوى: الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي.

بعد ذلك ومع نهاية عهد الرئيس كميل شمعون الذي تفجر بثورة شعبية عارمة، قبل اللواء فؤاد شهاب أن يكون رئيساً للجمهورية، فخلع بزته العسكرية، ورفض الانتقال إلى القصر الجمهوري (وهو ملك لآل الخوري، وسكنه الشيخ بشاره، ثم كميل شمعون، عندما صار رئيساً) ..

***** 

(وللحكاية بقية.. نعيش بعضها هذه الأيام..)

Exit mobile version