فِي تراكمِ الأخبارِ و تراجيديّات الأحداث التي لم تَعُد تقوى على تحريكِ صُلبِ العين البشرية، ثُمّ فإنّ الدّماء أصبحت كمادةٍ تُطلى بها الأصابع كحنّاءِ حرب ، كما التّعب أسفل العين بدا ككحلُ أزمة!
لم يخلَ العالمُ مِن طوفان الرّوح البشرية التي قاوَمت على مدى الزّمن حتّه فيها!
مرحباً بك مِن المُستقبلِ القِريب.
آثارُ الأقنعةِ تحفرُ الوجوهُ، الأيادي تخفي العرقَ تحتَ القفّازات البيضاء، التّفكيرُ بطريقةٍ لخلعِها بكلتي اليدين من دون ملامستِها من الأعلى أمرٌ مُجهد.
كلّ روحٍ اختارت زاويةّ في جسدِها من هولَ الفجيعة، البردُ يخترقُ صلبَ الحدقات فيجمّدها كلّ ما سَمعَت صراخَ مرافقِي أحدِ الحالات.
درسٌ لتحويلِ الإنسان إلى وحشٍ حينَ تكبرُ فكرةُ الإختيارِ فجأة، لتتبنّى الحياةَ و الموت خوفاً مِن عقمِ القرار خلفَ الزّجاج. هذهِ الفرضيّة التي لا تورّد أو تحكى، تبقى مهملةً حتّى تجدَها تجولُ في المكان، طالبةً مِنك أن تأكلَ نفسَك و تختار أيّ القريبين تريد، فالجهاز لا يمكن أن يحملِ إلا مُصاباً.
نحن لم نتسلح بالحب، تعلمنا أن الظروف هي الحاكم
وأن العروض والوحدات ” الدولارات ” وال 100 رسالة ب 100 ليرة تجعل علاقتك أجمل.
لم نتسلح بالحب فلا ثبات شهدناه لنؤمن أن هذا الحب يبقى ولا يزول.
فالحيرةُ ما زالت تمضغُ قلوبَ العاشقين على هذه الأرض، رغمَ فقرِنا لحبلٍ سريٍّ ينقلُ الحبّ من الأرض لقلوبنا.
الكثيرُ من العاهراتِ تدسّ أسرارهن في استغفارها ليلاً، فالكثير من أصحابِ الخدوشُ مُجبرين على لعقها بمرارة من دونَ صوت.
أمّا الشّوارعُ فما زالَ عقدُ الأضواءِ بها مقطوعاً، فيستبيحُ نحيبُ الكلابِ عُنُقَ اللّيل رغماً عنه، وقلوبُ الشّيوخِ الوَجلةِ تحنّ لرشفةِ خمرٍ سرّا، تقضي بِها وقتَ اللّيل البطيءِ بعدَ يومِ نفاقٍ وفقَ ما يجبِرُهم عليهِ نخبُ الأحداث المُتوالية!
لكن جبروتَ الحبّ كانَ يسمحُ بأن تلملم أشلاءَ من تحبّ إن لم يبق منهُ إلا طعاما ً لمخلوقات الأرض.
إلّا أنّه الآن يعترف بأنّه لا يملكُ طاقةً ليحملكَ عبرَ الزّجاج .فينسحبَ من داخلكَ تاركاً رغبةَ العناقِ تقتاتُ عليك، ببلادةِ شفاهٍ مزرقّة تسألُ كيفَ لعزرائيل أن يلحقَ قبضِ الأرواح هنا، وهوَ منذُ خبرينِ على التّلفاز كانَ في أقصى الأرض أمامَ المشهد نفسه.
لتشعرَ أنّ قُبُلات ما بعدَ الموتِ شهيّةٌ جداً على جباهِ من يؤشّر القدرُ بسرقَتِهم منّا، وأنّها لم تكنَ يوماً طليقةً تجوبُ لحظاتِ ما قبلَ أن تبتلعَ الأرضُ الأحبّاء.
ورغمَ المصيرِ المُشتركِ على الوَرق، لم نعهد شراكةً حقيقيّةً بين كفّين، فقد كانَت أيادي العالِقينَ على الأرض تنقسمُ لفِئتين متساويتين:
إما أيادٍ مُلوّحة!
وإما أيادٍ تقصدُ الحاجة!
فالأحداثُ هُنا أنيقةٌ لدرجةِ أنّها تفرضُ عليكَ زيّاً أسوداً لتكونَ جاهزاً دَوماً.”
بكم يُباعُ العناق حينَها؟
ومَن يصنعُ قُبلةً آمنة؟
هامشٌ صغير لنا:
نحن، أبناء هذا الجيل، ألزمتنا بلادنا منذ اليفاعة بتبني رأي أو قضية كموضة نواكبها لنحصّل جزءاً من منبر أحاديث السهرة، رأي أُجبرنا على تغييره مئات المرات لأنه كان يخذلنا في كل مرة.
نحن الذين واكبنا ضعف البلاد، غشها، مرضها، كذبها، وهرموناتها التي جعلت كل شيء يبدو أصعب.
نحن خط الوسط، ندافع ونهاجم ..
ندافع عن أنفسنا من الفقر والموت وتقنين الكهرباء وانقطاع الماء، قذائف الموت، التفجيرات، العطل الإجبارية، دور الغاز، المازوت، آباءنا المكسورين، فرع الجامعة المكروه، أحلام السفر، السفر، التهريب، النظامي، الحر، الإخوان، التأييد، المعارضة، الانتخاب، الاستفتاء.. والبلاد التي لم ترنا في ازدحام العمر.
ونلعب دور الهجوم بأننا قد نجونا مما هو أصعب لن يضيرنا حمل آخر. نهاجم الحياة بيأسنا، أو ما تبقى لنا من الأمل.