طلال سلمان

لو كنت رئيساً

“لو كنت رئيساً، سأوقف في خلال ايام العلميات الارهابية ضد الولايات المتحدة بالأميركية، نهائياً.

“أولاً، سأتقدم باعتذار من الارامل واليتامى والأشخاص الذين تم تعذيبهم، او الذين باتوا في البؤس، ومن ضحايا الامبريالية الاميركية.

“ثم، سأعلن في أركان العالم كله، أن التدخل الاميركي سوف يتوقف نهائياً، وسأعلم اسرائيل بأنها لم تعد الولاية الواحدة والخمسين من الولايات المتحدة، ومن الآن فصاعداً سيتم التعامل معها كبلد أجنبي.

“وفي ما بعد، سأخفض الموازنة العسكرية 90 بالمئة على الأقل، لأعوض بهذا المبلغ عن الاضرار الجسيمة وكتعويضات للضحايا. المبلغ سيكون كافيا. إن الميزانية العسكرية لعام، أي 330 مليار دولار، توازي تقريباً 18000 دولار في الساعة منذ ميلاد المسيح حتى اليوم.

“هذا ما سأقوم به في الايام الثلاثة الأولى.

“في اليوم الرابع… سأقُتل”.

مسكين وليم بلوم. يقظة الضمير هذه، حبر على ورق.

لم تُسعفه معلوماته التي استقاها من داخل الادارة الاميركية في تحويل المعلومات إلى حقائق يتلمسها الاميركيون. لقد كان يلوم جزءاً من الادارة الاميركية. عرف الامور عن كثب. كل ما كتبه كنستهُ الآلة العملاقة التي تسيطر على الافعال والكلمات. الاعلام الاميركي “الحر” لا يجرؤ على نشر حقائق مكشوفة عن جرائم ارتكبتها الولايات المتحدة في أربع اصقاع الارض. يرددون دائماً: “إنهم ضدنا، ليس بسبب افعالنا، بل لأننا على ما نحن عليه من تقدم وحرية ونجاح وقوة”. “إن الارهابين ضدنا لأننا نريد أن نرعى السلام وندعم الديموقراطية”. كذب واضح ومفضوح. لم تدعم غير الانقلابات العسكرية والانظمة الديكتاتورية.

مناسبة هذا القول، تبرع اميركا بالوساطة بين لبنان واسرائيل، وقد جاء ذلك بناء على طلب نتنياهو. وللأسف يسرعون إلى استقبال المبعوث الاميركي، بالطريقة التي احتفي بها عندما زارت بيروت الصامدة، كوندوليسا رايس. كانت تصر على اطالة أمد الحرب لسحق ارادة المقاومة واخراجها من ميادين المواجهة. اميركا، ليست وسيطاً. اميركا هي “اسرائيل”، والادلة كثيرة. اميركا ضد إيران، لأنها مع فلسطين وضد “اسرائيل” اميركا تلاحق “حزب الله” بالعقوبات لأن اسرائيل تريد ذلك. الولايات المتحدة الاميركية، تسمي القدس عاصمة لـ”اسرائيل”، كما ترغب “اسرائيل”. ليست اميركا منحازة لأي بلد في العالم انحيازها “لإسرائيل”. ومع ذلك، يعّول لبنانيون على وساطة نفطية.

لا. ليست اميركا وسيطاً. انها طرف معلن. قوة اللوبي الصهيوني ومصالح اميركا توأمان. عندما تمنع الرئيس الاميركي السابق عن استقبال نتنياهو، مضى هذا الاخير إلى الكونغرس، فوجد ابوابه مفتوحة ومنابره مصادرة باسمه. حارب نتنياهو باراك اوباما، وفاز عليه. صديقه المسعور دونالد ترامب، هو النموذج الأمثل كحليف “لإسرائيل”.

اميركا هي لبنان بصيغة المسالمة، وإيلاء الخلافات إلى الجهود الدولية، وليس إلى سلاح المقاومة. اميركا مع لبنان في محور الاستسلام والتطبيع والتخلي. لبنان اخترع كذبة النأي بالنفس، بحيث لا يُلزم طرف لبناني طرفاً آخر بنهجه. الذين في لبنان مع أميركا، هم حتما ضد سلاح المقاومة، وضد محور المقاومة الذي بدأ عصره الثاني عبر اسقاط طائرة اسرائيلية برد سوري يتعافى نسبيا من حروبه وحروب الآخرين عليه.

ارض لبنان ليست سائبة. المقاومة بالمرصاد، وهي قوية لردع العدو. الجيش اللبناني ضمانة استقلالية ويعرف العدو من الصديق. في السلطة اليوم، انزياح مريح لصالح محور المقاومة، إذا، لا خوف على النفط والغاز. لتتجرأ اسرائيل ومعها اميركا على التحرش بالمياه اللبنانية. تخاف اسرائيل من “الأبوكاليبس”. تخشى “عليّ وعلى اعدائي يا رب”.

قليل من الصبر وكثير من الثبات وأكثر منه الوضوح: هذه ارضنا لنا وهذه مياهنا لنا، وهذا نفطنا لنا. هكذا يجب أن تسمع اميركا، ولتبلط البحر إن استطاعت.

لبنان المأزوم جداً، قوي جداً ايضاً. انها احدى المعجزات التي ابتدعها هذا الكيان على مر تاريخه المتعرج. يكفي، انه فلسطيني أكثر من الدول العربية جمعاء.

لا خوف على لبنان، ولا على نفطه وغازه، ولا على أي شبر من ترابه.

نقول هذا، مع ما نراه من اهتراء وتصدع وفساد ويأس.

لبنان المريض، أقوى من دول ثرية ومتعافية ومتسالمة. تلك هي المعجزة اللبنانية التي تسمح للبنان أن يقول لأميركا لا، وان تخشاه “إسرائيل” ايضاً.

لبنان لبنانان لابأس. نصف لبنان في محور ونصفه الثاني في محور ثانٍ. والغلبة، هي لمحور المقاومة، لأن لدينا مقاومة قادرة على تغيير وجه التاريخ في المنطقة. ومن يعش يرَ.

Exit mobile version