طلال سلمان

كَذَّابون

لبنان على حافة الإفلاس، أو، هو مفلس مع وقف التنفيذ. الديون، بلغت تقريبا.. بحجم المسروقات والمنهوبات. هذا ليس امراً جديداً. النهب، هو السيرة السياسية للسلطة واتباعها وفروعها ومستشاريها وخدمها، من اعلى المراتب السياسية والمذهبية، حتى أدنى العسس.

يتحضر لبنان لمأساة التقشف. يخيرون اللبنانيين بين التقشف والتسول. على اللبنانيين، الذين يحبون زعماءهم جداً، والذين يكرهونهم ايضا، أن يرتضوا بالقليل، مما تبقى من المنهوب، او أن يرضخوا للتسوُّل.

طبعاً، لبنان فقد سيولته. هذه الجملة غلط. لبنان نهبت سيولته. تضخمت ثروة النصابين، من اهل السياسة والحل والربط الطائفيين، وتضاءلت لقمة العيش، حتى باتت البطالة هي الشغل الشاغل لأكثرية الجيل الجديد، ولما تبقى من الجيل القديم.

لم أجد وطنا يعاقب شعبه هذه العقوبات ويظل ساكتا، صامتاً عن القتل، متكلاً على العجز، وينتظر أن يجوع، ويفتقر، حتى يلجأ إلى مد اليد، او إلى السرقة. وينتظر أن يجوع، ويفتقر، حتى يلجأ إلى مد اليد، اوالى السرقة. ما ينتظر اللبنانيين، بشع جداً. سيترحمون على ما سمعوه عن اليونان.

هذا سيحصل، إذا كان الحل المالي، لإعادة التوازن بين الدائن الجشع والمديون السارق، يقتضي أن يقبل اللبنانيون التعساء، التضحية بما تبقى لهم، بحجة أن الحملة ضد الفساد، مستمرة حتى النهاية.

كذابون وألف “كذابون”. ولولا التهذيب، لقلنا أكثر.

مكافحة الفساد، في بلد كلبنان، لا يمكن تصديقها ابداً. والشواهد دلائل: أولاً: الفاسدون يطاردون الفاسدين. فمن يصدق أن هذه الحملة ستطال اصحاب الأيادي السود، المتحكمين بمفاصل السلطة والادارة والقضاء والادارات والصناديق والمجالس والتلزيمات والماء والكهرباء والبيئة والتعليم والتخصص وكل ماله علاقة بالإنفاق من خزينه الدولة. يتم كل ذلك على مرأى جميع اللبنانيين المظلومين.

الفاسد في لبنان، يسير مرفوع الرأس وحوله حاشية من اصحاب الجيوب. والفاسدون، في السلطة ومن حولها ومن فيها ومن فوقها، لن تقدم على استرداد المنهوب من الدولة ومن لقمة اللبنانيين، على مدى عقدين ونصف من الزمن. لقد أنجب الطائف، طائفة من الحرامية، وأوكل اليها ادارة الاموال العامة، للمشاريع الخاصة بالمحظوظين، ميليشيات الامس وقادة المتاريس.

لن نصدق أن الفاسد يكافح الفساد. ولا يعوَّل كثيراً على عدد من اصحاب الذمة والايادي البيض. هؤلاء يتامى السلطة، وصدقهم غير قابل للتداول. لقد تم حتى الآن، الغاء القبض على مرتكبي “هفوات” مالية. اصحاب الفضائح في النهب والسرقة والاغتصاب، احياء يرزقون.

لن تسترد المنهوبات المليارية، السلطة منهم ومعهم.

لذلك، ستخوض السلطة معركة اقناع الاتباع بالتقشف. أي، عيشوا فقراء. اذ، لا يجوز أن نأكل خبزنا بعرق جبيننا. اما عن التعليم والجامعات والعيش الكريم، فحدث ولا حرج.

إذا لم تمتلئ السجون بالفاسدين الكبار، وإذا لم تستعد للدولة ما نهب منها، فلن يكون المستقبل القريب آمنا. تبدو الموازنة التقشفية المؤلمة، وكأنها عملية تشليح، يسمونها تضحية، فيما هي جريمة ترتكب بحق الضعفاء من الطبقة الوسطى (إذا كانت بعد قائمة) إلى الطبقات الفقيرة.

سيأتي اليوم، ذات يوم، وتتكشف فيه السيرة المالية لكل لصوص الهيكل، الذي تحصنوا بالدعم الشعبي، والتأييد المذهبي، وإذا لم يأت ذلك اليوم، نستودعكم لبنان، حظيرة للقطعان.

Exit mobile version