يغمرني مع الفرح شيء من الزهو وأنا اشهد ولادة شعب ووطن اسمه “لبنان” تهاوى “الكيان” وكأنه من فخار، ومعه كل المحاولات لتزوير تاريخ له معزز بالأمراء ـ الوكلاء للمصالح الاجنبية، والذي علمتنا مدارسنا في مستهل العمر، انهم “ابطالنا”.
لم يكن بينهم “بطل”. كانوا مشايخ إقطاع، حكموا بالسيف والولاء للأجنبي: أميرا طليانيا مع فخر الدين في توسكانا الذي حاول أن يستقوي على السلطنة فانتصر في عنجر ليموت بعد حين في مغارة تطل على وادي التيم.. إلى جانب جمهرة من اصحاب السيف وختم السلطان العثماني، ووالي عكا، ونابليون مع الامير بشير الذي ولد مسلماً وعاش درزياً ومات مسيحياً، ودفن في مالطا.
بعد ذلك تمت التسوية بين “الدول” فابتدع نظام “المتصرفية” وهي “ولاية” يحكمها متصرف تعينه “الدول” بختم السلطان، بشرط الا يكون مسلماً ولا مسيحياً من ابناء لبنان او سوريا. وهكذا فان النسبة الكبرى من المتصرفين كانوا من الارمن.
ثم كانت الحرب العالمية الأولى، وابتدع “الكيان اللبناني” مع نهايتها. وعبر تقاسم علني للمشرق بين المنتصرين فيها، فرنسا وبريطانيا.
ومن الطرائف المروية أن البطريرك الماروني الحويك قد رفض العرض بأن تضم “الدولة العتيدة” التي تستولد في فرساي، منطقة بانياس ومحيطها على الشاطئ السوري، وطلب أن يعطى الجنوب.. فلما قيل له أن اهل الجنوب من الشيعة، رد بقولهم: لا يهم.. انهم “بياعو بيض”.