طلال سلمان

“كلنا بخير ..طمنونا عنكم” عرض موجز لأحوال العرب: كله تماما يا افندم!

يعيش الوطن العربي بأقطاره – دوله القائمة، حالة من التشرذم والخلافات والانقسام ، ندر أن شهد لها حالة مماثلة من قبل.. هذا بعد استثناء دول النفط والغاز، المرتهن قرارها في واشنطن وتل ابيب واسواق المضاربات بأشكالها المختلفة.

صارت جامعة الدول العربية حائط مبكى، اذا ما انعقد أي اجتماع فيها بالنصاب القانوني، يتحدث أباطرة الكلام- بالأمر- بينما سائر الاعضاء نائمين، فاذا ما انتهت الثرثرة الرسمية اختتم “الاعضاء” اجتماعها ضاحكين ممن سيقرأ هذه “المقررات”.. اذا وجدت من يقرأها!

أما الدول الفقيرة، او المفقرة لأسباب سياسية (مثل سوريا والعراق..) او التي ازيلت عن وجه الارض وتم تقسيم ارضها الواسعة والغنية بالنفط والغاز (ليبيا) فإنها تتخبط وتعجز عن القرار الذي تتقاسمه الدول المحتلة (الولايات المتحدة، السلطنة الاردوغانية، مع مشاركة فرنسية رمزية الخ..).

باخت اللافتات والشعارات المرسومة على الجدران، وطويت اعلام الثورة التي اغتيلت جهاراً، نهاراً، بتحريض اميركي – اسرائيلي ومشاركة مباشرة من اهل النفط والغاز، ورفرف علم الاحتلال الاسرائيلي في جهات عديدة، وانفتحت ابواب عواصم كانت مقفلة امام نتنياهو ورجال مخابرات العدو..

وكان طبيعياً أن يفيد العدو الاسرائيلي، وتحت غطاء اميركي معلن، فيتقدم لاحتلال اجزاء اضافية من ارض الضفة الغربية وصولاً إلى الاغوار المدفون في بعض انحائها اجداث بعض ابطال الفتح العربي لمدينة دمشق (التي كان يحتلها الروم) واشهرهم أبو عبيدة بن الجراح.

***** 

على المستوى الشعبي انقرضت الاحزاب التي كانت تنادي بالتغيير والثورة لتحل محلها تنظيمات استولدت على عجل او ضخت الدماء في احزاب وتنظيمات طائفية تقاتل ضد التغيير، بالأجر، لتحمي الانظمة الفاسدة المفسدة مقابل اجر معلوم وتحريك علني تقوم به جهات خارجية معروفة

مثل تصريحات السفيرة الاميركية الحسناء في بيروت دورثي شيا، والتي استدعاها “وزير الخارجية” ناصيف حتي تحت الضغط الشعبي، فذهبت وجلست واستمعت إلى ما يشبه الغزل من وزير الخارجية الذي لم يعرف لماذا كلف بهذه المهمة ثقيلة الوطأة، والتي قد تتسبب في اخراجه من دست السلطة!

أما السفير الاميركي في العراق ماثيو تولر فقد تقدمت حكومة بغداد منه بالاعتذار عن هجمات بعض المتظاهرين على مكاتب سفارة “دولة الاحتلال” في عاصمة ابو جعفر المنصور وهارون الرشيد.

…وفي حين أن السلطان اردوغان يذهب بعسكره لاحتلال ليبيا بذريعة انها كانت قبل قرن ويزيد بعض املاك السلطنة، ويحتل بعض الشمال والشرق في سوريا (حيث النفط والغاز)، فان الدول العربية (بما فيها مصر) لم تتحرك لمنعه، في حين اعترضت بعض العواصم الغربية بعنوان فرنسا والمانيا.. فرد اردوغان مهدداً بالخروج من الحلف الاطلسي.

*****

أما لبنان، الذي كان ذات يوم “جنة الله على الارض” ومقصد السياح والمصطافين العرب الذين طالما اعتبروه مقصدهم للاصطياف والمتعة، فيعيش اليوم ازمة اقتصادية خطيرة كان من آثارها أن هوى سعر الليرة مقابل الدولار بما يهدد الطبقة الوسطى ويدفع بعض المعذبين في الارض إلى الانتحار.. في وسط شارع الفنادق والبارات ومحلات المجوهرات والثياب الثمينة!

ومن الشواهد على بؤس الحال أن احد المفقرين قد اقدم على الانتحار علنا في قلب شارع الحمراء، وعلى مرأى من الجالسين في مقاهيها والساعين إلى رزقهم (المرحوم محمد علي الهق -عمره 61 سنة) تحت عنوان “انا مش كافر” عبارة كتبها على ورقة معلقة على صدره… ولم يتيسر نقله من حيث هوى إلى مستشفى او مستوصف..

المذهل أن جثمان الضحية بقي في الشارع اكثر من اربع ساعات قبل أن يتم نقله .. ليتم دفنه!

بالمقابل فان قاضياً لبنانياً شجاعاً يدعى محمد المازح قد “أجبر” على الاستقالة احتراما لنفسه ولوطنه بعد ما رفض بعض التصريحات المهينة للسفيرة الاميركية الحسناء في بيروت.

كله تمام يا فندم!

*****

مصر، ومعها السودان، على حافة حرب مع اثيوبيا (الحبشة) نتيجة اقدام حكومة اديس أبابا على بناء سد عظيم المساحة على نهر النيل، مما يهدد كمية المياه التي يوفرها للسودان ومصر التي طالما اعتبرت هبة النيل.

وبرغم المساعي الدبلوماسية واللقاءات المباشرة فان اديس ابابا تصر على المضي قدما في بناء “سد النهضة”، ورفض اللجوء إلى مجلس الامن. وتزعم اديس ابابا، وبتحريض اميركي اسرائيلي، أن مصر تنال أكثر من حصتها من المياه، وان السودان في غنى عن مزيد م المياه.

******  

كلنا بخير ، طمنونا عنكم

تنشر بالتزامن مع جريدتي “الشروق” المصرية و”القدس ” الفلسطينية

Exit mobile version