طلال سلمان

كفى!

من حق اللبنانيين أن يثأروا، أن يقاطعوا انتخابات تعيد انتاج الطبقة الموبوءة سياسياً. من حقهم أن يحتفلوا بغلبة الصمت على الضجيج الممتلئ كذباً وخيانة. فضلوا كتمان صوتهم. ليس عندهم من يفضلونه عن الآخر. معظم الفائزين مكشوفون، ينتمون الى من جعل لبنان حطاماً بلا أمل. من حق المقاطعين واللامباليين أن يعلنوا انسحابهم من هذا النظام الفاشل والمهين. ان مجرد الإشتراك بالانتخابات خطأ اضافي على أخطاء المرتكبين، إذ، كيف يجوز إعادة انتخاب المرتكب أو المرتكبين، التابع أو التابعين.

يقال: هناك “أوادم” بين هذه الطغمة. الاستثناء ليس قاعدة. القاعدة: ما بني على فساد فهو فساد. الاحتفالات الأخيرة، أسفرت عن إعادة تنصيب المرتكبين لديون بلغت الثمانين مليار دولار، وأمور أخرى مهينة، أبرزها، اجتياح المرجعيات لمؤسسات الدولة واحتلال مفاصلها والتحكم بمصالح اللبنانيين الحيوية.

من حق الصامتين انتخابياً أن يشمتوا بأفواج المقترعين الذين يرقصون طرباً بفوز من استطاع أن يركب على ظهورهم ويكتم أنفاسهم. هؤلاء الذين أتوا الصناديق بحماس، يتوجب عليهم الإعتذار من هذه الطبقة السياسية المتجددة، لأنهم شتموها سابقاً.

على المقترعين أن يكفوا عن النق والنقيق كالغربان. عليهم أن يعتذروا لأنهم أهانوا على مدى سنوات، زعماء ورؤساء وحكومات ونواب وزعران. هؤلاء، يجب أن يعتبرهم المنتخبون قديسي هذا النظام. فمن يجدد له، مرة تلو مرة، بإرادة شعبية مبرمة، يحظى بمناعة سياسية ورضى اجتماعي.

من واجب المقترعين أن يطلبوا الغفران عما ارتكبوه من أقوال وأفعال، بحق الطغمة السياسية. هذه الطغمة من صنع أصواتهم. والمنطق البدائي يحتم احترامها وشكرها وتبرير أفعالها والدفاع عن ارتكاباتها.

وهذا غير كافٍ أيضاً. من واجبهم الأخلاقي أن ينبروا للدفاع عن الزعماء والرؤساء والنواب والمدراء و… وأن يشيدوا بإنجازاتهم والدفاع عن اخطائهم وتبرير ارتكاباتهم. كفانا كذباً ورياء وزندقة: نشتمهم ونتهمهم بالسرقة والنهب والصفقات، ثم نمنحهم أصواتنا. كفانا تلفيقاً، كل العلة في بعض هذا “الشعب” الذي يرى بعين واحدة. يحاسب خصمة إن سطا أو أخطأ أو ارتكب، ويعفو عن الآخرين الذين اليهم ينتمي، إما طائفياً أو مذهبياً أو مصلحياً.

هذه الطبقة السياسية محظوظة بهذا “الشعب”. تنكل به، وهو يعفو عنها ولا يحاسبها.

كفى صمتاً.

الذين قطعوا كل أمل بأهل السلطة، عليهم أن يسألوا ويجيبوا عن السؤال التالي: ما العمل؟ نحن أكثرية مبعثرة. أكثرية لا تلتقي. تمارس رفضها وتلوك مأساتها وتنسحب من السياسة.

هناك الكثير من الوسائل والعديد من الطرق السلمية. تجربة المجتمع المدني مفيدة برغم ضآلة نتائجها. المطلوب أن يكون لهذه الأكثرية كيان فاعل. الوسائل عديدة، والأعداد متوافرة.

اذا لم تقدم الأكثرية المقاطعة الى تنظيم نفسها في أطر فاعلة، فعليها أن تمارس الصمت أيضاً. فمن يعاني المعاناة التي يعيشها اللبناني ولا يتحرك، فهو مَيْتٌ يرزق. لا يعول عليه. يكتفي بأن يمارس النق. يصير صنواً للمنتخب المبايع. يصير لا شيء.

فرصة نادرة ولحظة مثالية للقاء يجيب عن سؤال ما العمل؟

وجواباً على أن هذا المجلس فيه وجوه جديدة نقول: حتى ولو كان بعضهم من رتبة القديسين، فانهم يتساكنون مع من هم من رتبة الأبالسة.

أخيراً، متى نبدأ بداية الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل لتغيير النظام وأصحابه؟

Exit mobile version