طلال سلمان

كامل الحاج حسن

تُفجعك خسارة الصديق، تُشعرك بأنك قد نقصت بينما كنت تقترب من الاكتمال بصداقاتك وعلاقاتك بالناس، بالمشترك بينك وبينهم في العواطف والافكار والاهتمامات والمواقف.
كامل الحاج حسن، الذي خسرناه بالأمس، كان نموذجا لهذا الصديق، الطامح الى تغيير الواقع بالعمل الدؤوب وليس بالتمني، القادر على ان يحفر الجبل بالابرة بصبر عجيب وإيمان لا يتزعزع بقدرة الانسان على تجاوز الصعاب، المثقِّف نفسه بنهم الى العلم والمعرفة بغير حدود.
ومثل الأكثرية الساحقة من ابناء بلدته، شمسطار، ومنطقته بعلبك الهرمل، بل وسائر »الأطراف«، لم تكن فرصة الدراسة عريضة امامه، فاضطر لأن يدخل سلك الدرك قبل ان يكمل تعليمه… وفي الدرك واصل الدراسة، وتخطى حاجز البكالوريا الذي قطع الطريق على معظم ابناء جيله، ليصل الى الجامعة، بعدما انتقل الى سلك التعليم، ثم صار استاذا للتعليم الثانوي فمديرا لثانوية شمسطار الرسمية.
على ان الدراسة والوظيفة وأعباء الحياة لم تشغله عن العمل العام، فكان مناضلا متميزا في صفوف الحزب الشيوعي، وفي فترة محددة صار رئيسا للنادي الثقافي في بلدته فحاول مع رفاقه فيه ان يحولوه الى بؤرة لنشر الوعي.
في الحرب الاهلية قاتل ضد مخاطر الانسياق الى التصفيات الطائفية، وحاول جاهدا ان يحفظ للسلاح شرفه.
وهكذا تكاملت في هذا العصامي صورة »المناضل« ضد الفقر وضد التخلف، ضد الظلم وضد الغلط، ضد الطائفية وضد التعصب.
ولأن نفسه كبيرة فقد تعب في مرادها جسده.
وعلى امتداد السنوات الأخيرة كان المرض ينهش جسده الذي أخذ يتهالك حتى ذوى وانطفأت الشعلة التي ظلت متقدة تنير الطريق أمام تلامذته ورفاق حياته.
كامل الحاج حسن نموذج لقدرة الارادة على إسقاط الاستحالة.
وحزننا عليه عظيم، ليس فقط لأننا فقدنا فيه الصديق والأخ والرفيق في مقاومة الغلط والانحراف، بل لأننا خسرنا مناضلا متميزا ومربيا خرّج اجيالا من المستنيرين.
كامل الحاج حسن… وداعا أيها الانسان الطيب والمناضل العنيد، الذي انشأت في بيتك عائلة صالحة، وساعدت مَن حولك ليكونوا في وضع أفضل.

Exit mobile version