فجأة، ومن دون سابق انذار، تفجر الغضب المقدس لدى قيادة مملكة الذهب الاسود والصمت الابيض ضد الامارة المن غاز، فاذا هي الحرب على “الخوارج” ممثلين بالشيخ تميم بن حمد آل ثاني… وهي “حرب مقدسة” سرعان ما انضم اليها بالأمر او بالمصلحة او بالغيرة او بالأحقاد المعتقة، دول الامارات والبحرين، ومن ثم مصر، بعد زيارة استنجاد قام بها وزير خارجية السعودية عادل الجبير، وقبل أن تستنفر ليبيا البلا دولة، ثم جزر المالديف العظمى لتنضوي في التحالف الملكي الجديد.
لم يعرف احد، في البداية، الاسباب الحقيقية لهذه الحرب التي استعرت نيرانها فجأة، لكن سياقها كشف انها كانت مخططة ومدروسة ولم تلغ مشاركة الشيخ تميم في القمم الثلاث التي عقدتها الرياض تشريفاً وتكريماً للرئيس الاميركي الفريد في بابه دونالد ترامب، توقيع العقوبة عليه: الطرد من مجلس التعاون الخليجي واشهار الحرب عليه بلا هوادة، مع استعادة التاريخ السري لهذه الامارة الصغيرة التي طالما تنطحت للعب ادوار الدول العظمى متجاوزة ـ بطول اميرها ـ الممالك والجمهوريات شرقاً وغرباً.
فجأة، انتبهت مملكة الذهب والصمت ومعها الحلفاء الابرار، أن قطر العظمى قد سبقت فارتكبت جرم الاعتراف بدولة العدو الاسرائيلي. مع أن ربع قرن من الزمان قد مر على هذه الواقعة التي لم يعاقب قطر عليها أي من الدول التي استنفرتها السعودية، الآن، فاستذكرتها… مع أن العديد من الدولة العربية والاسلامية المشاركة في قمم الرياض تقيم علاقات علنية (مصر، الاردن، المغرب) مع دولة العدو الاسرائيلي.. كما أن دولاً أخرى بينها السعودية ذاتها تنشئ على مهل علاقات ود وثيقة مع دولة الاحتلال، وان غلفتها بالثقافة تارة، وبالدبلوماسية طوراً، وبالتحضر ومجاراة روح العصر والاعتراف بالأمر الواقع،دائماً.
كانت الذريعة “تغريدة” ادعى من نقلها فعممها انها كانت على الموقع الالكتروني للشيخ تميم.. وبرغم “النفي الرسمي” فقد كانت الشرارة التي تسببت في انفجار الحرب بين قبائل النفط الاسود وقبيلة الغاز الأبيض..
هي “حرب الاشقاء”، مرة اخرى، بينما مشاريع الاستيطان التي يسرع في انجازها العدو الاسرائيلي تكاد تلتهم ما تبقى من ارض فلسطين لأهلها (نظريا..)
ثم انها حرب عربية ـ عربية بذريعة ايرانية، مع أن الرئيس الاميركي هو الذي عاد من زيارته المظفرة إلى الارض الاسلامية المقدسة بمئات المليارات من الدولارات، مع اربعمائة مليون دولار لمشاريع ابنته اليهودية في اميركا، هذا عدا الهدايا الملكية للسيدة ترامب والحاشية، وزراء وضباطاً وحرساً..
ولأنها حرب عربية ـ عربية، بذريعة ايرانية، فهي قد شملت “حزب الله”، الذي عوض غياب انظمة الملك العربية في الحرب مع العدو الإسرائيلي..
هل من الضروري التذكير بأن الرئيس الاميركي قد ارتكب، امام عيون مودعيه، سابقة الطيران مباشرة من ارض المملكة العربية السعودية إلى مطار اللد في دولة العدو الاسرائيلي، مما أثار شبق رئيس حكومة العدو فتمنى علناً أن يستطيع الافادة من السابقة فيطير من تل ابيب ، او حتى من القدس، إلى مطار الرياض او جدة، ليكون اقرب إلى مواقع القداسة في مملكة الصمت الابيض والذهب الاسود.
في أي حال فان “الحرب المقدسة” التي اطلقت فيها السعودية الرصاصة الأولى على امير قطر سيكون لها ما بعدها بالتأكيد… وهي، كما هي السوابق الماضية، تدور خارج الميدان الاصلي وعلى حسابه.. ومن لم يعاقب شيخ قطر على سابقة اعترافه بالعدو الاسرائيلي “لحماية” قاعدة العيديد الاميركية، التي تكاد تكون أكبر قاعدة لإمبراطورية الكون خارج حدودها، لا يمكنه اقناع أحد بأن حربه على الامارة من غاز هي لأسباب تتصل بالمستقبل العربي بعنوان تحرير فلسطين مثلاً… تماماً كما أن من يحارب الان شيخ الامارة من غاز لن يستطيع اقناع أحد انه في طريقه إلى تحرير فلسطين، وكان لا بد أن يبدأ من مكان ما، فاختار قطر بمحض الصدفة او بدافع الاخوة الصادقة!
كلهم “قطر” ثم ينهمرون!
ينشر بالتزامن مع السفير العربي