طلال سلمان

فيلمون وهبي: المبدع!

لم اعرف فناناً مبدعاً، متعدد الموهبة، مثل فيلمون وهبي..

كان احد اظرف خلق الله، واحد ابرزهم حضوراً، وأسخاهم عطاء، وأفقرهم، لان انفاقه على الاصدقاء والزملاء والموسيقيين الفقراء، فضلاً عن رحلات الصيد المتوالية التي كانت تتجاوز حدود لبنان إلى اطراف الشرق والشمال في سوريا، كان يتجاوز حدود دخله.

ولقد اعطى فيلمون وهبي المكتبة الموسيقية في لبنان عشرات الالحان الشعبية التي عاشت في ذاكرة الناس عمراً طويلاً، وما زالوا يستذكرونها في جلسات السمر والانس..

واذكر كان يقصد إلى زيارتي في مكاتب “السفير”، وهي غير بعيدة عن استديوهات الاذاعة اللبنانية، التي اعطاها فيلمون وهبي بعض اجمل الحانه وبعض اظرف اسكتشاته الظريفة..

كان ابن كفرشيما ظريفا بالسليقة.. وكانت الالحان تجري في عروقه مجرى دمائه،

لم اعرف عن فيلمون وهبي انه أبغض احداً، بل كان يحب الجميع: الرحابنة، لا سيما شريكه في بعض الاسكتشات منصور، وفرقة الانوار وسعيد فريحة، وفيروز مع جنوح إلى ابنة البلد مثله، الشحرورة صباح التي كانت الاثيرة والاقرب إلى قلبه بظرفها قبل صوتها الرخيم.

كذلك فقد كان فيلمون عظيم الاعجاب بالسيدة ام كلثوم، وبموسيقار الجبل (كما كان يسميه) محمد عبد الوهاب، وكذلك عبد الحليم حافظ… ولطالما احتفى بمن جاء منهم إلى لبنان فأهداه بعض طرائد صيده.

ولقد دعينا، ذات ليلة، إلى سهرة في منزل بعض الاصدقاء، وذهبنا ونحن نفترض أن ثمة مغنياً او مغنية، او عدة طرب.. لكننا لم نجد شيئاً من ذلك، بل تركزت الانظار على فيلمون الذي اكتشف أن عليه أن يحيي السهرة فنظر اليّ معاتباً، وطلب صينية اخذ يطرق عليها ويصرخ “غنيلو عالسانفريان” والجمهور يصفق معجباً، قبل أن يندفع فيلمون إلى إطلاق صوته بانغام مطربة دون كلام، فاذا ببعض الساهرات يقمن إلى الرقص وهو ذروة الطرب.

أبدع من لحن فعبر عن وجدان الناس الذين عشقوا ألحانه وترنموا بها وحزنوا لغيابه حزنا عظيماً، وتقاطروا إلى مسقط رأسه في كفرشيما لوداع ملحنهم المبدع وظريفهم الذي لا مثيل له والانسان الجميل الذي أسعدهم انهم عاشوا في زمانه!

 

 

Exit mobile version