بشجاعة ملفتة، اعلن وزير التربية محمد يوسف بيضون انه تأكد بنفسه، ومن خلال المشاهدات المباشرة والاتصالات الشخصية وملاحظات بعض المشرفين على سير الامتحانات الرسمية، ان الاسئلة في مادة الرياضيات، ولا سيما الهندسة، كانت الى »الحزازير« أقرب منها الى قياس أو مؤشر لمعلومات التلميذ الممتحن.
ما زالت »روح الخصومة« او المناكفة سائدة، في ما يبدو، بين اللجان التي تضع أسئلة الامتحانات والطلاب: يفتشون لهم عن أسئلة معقدة، أو جوانب مخفية من مسائل ثانوية، ويفرحون حين تخرج النتائج فاذا الرسوب مرتفع وقلة من الطلاب استطاعت النجاة بنفسها واجتازت المرحلة التكميلية الى الثانوية، او الثانوية نحو ابواب الجامعات.
على ان وزير التربية قد اكتشف، امس، وعبر حادثة مشهودة، ان لجان المراقبة لا تأخذ في اعتبارها الحالات الخاصة لبعض التلامذة الذين يعانون من اعاقة او ولدوا وهم معطوبون صحياً، كمثل من يعاني ضعفاً شديداً في بصره، أو خللاً جسيماً في سمعه مما يضطره الى وضع سماعات.
في بلاد الناس، يحرص الجميع ولا سيما المسؤولون عن التربية والتعليم على تشجيع هؤلاء الذين لا يد لهم في الخلل أو العطب الذي ولد معهم فحرمهم السمع (أو معظمه) أو البصر، أو شل منهم يداً أو اليدين أو شوه اجسادهم… بل انهم هناك يشجعون في هؤلاء روح التحدي، ويقدرون لهم جهدهم المضاعف من اجل اثبات جدارتهم، وانهم برغم مصائبهم فهم مؤهلون وقادرون (عقلاً واستعداداً) لان ينجحوا وأحياناً لان يتفوقوا.
ليس المطلوب التساهل معهم، او تمرير الاجوبة اليهم، أو »التطنيش« عنهم وتركهم ينقلون نقلاً عن الكتب أو عن زملائهم أو عن »الروشتات«.
المطلوب فقط أن يعاملوا كفتيان لهم حق الحياة، وكمواطنين لا تنقص عللهم من حقوقهم »المدنية«: فلا الشفقة تنفع أو هي مطلوبة، ولا »الغش« مباح لهم، ولا التمييز بحيث يقدمون على من عادهم، فالزايد أخو الناقص..
وعسى ان يعمد »أبو يوسف«، في ضوء ما اتصل بعلمه وما سجله المراقبون، الى تصحيح بعض الاخطاء التي تشوه صورة الامتحانات، او تسيء الى كرامة الطلاب والاساتذة أيضاً،
فاعداد من يسقط من الطلاب الممتحنين تمثل عدد الاساتذة الفاشلين، فلا يفرحن أحد بارتفاع نسبة السقوط.
»ط. س«