مع رحيل غبطة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير تسترجع الذاكرة لقاءات عدة معها، معظمها لم يكن للنشر، وبينها لقاء مع مجموعة من “فلسطيني 48” بينهم المفكر عزمي بشاره وخمسة بينهم “نائبان” آخران في الكنيست الاسرائيلي وكاتبان معروفان.
توليت التعريف، وتفحص غبطته بعينيه الثاقبتين وجوه “الضيوف” قبل أن يرحب بهم مستفسراً عن احوالهم في ظل الاحتلال.. ولفت غبطته أن بينهم “مسيحيين” يتقدمهم عزمي بشاره نفسه، فانطلق يسأل عن الاحوال، مظهراً أسفة على تناقص اعداد المسحيين في الارض المحتلة.
قال له بعض اعضاء الوفد انهم “في الداخل” لا يفرقون بين المسلم والمسيحي، فالكل فلسطينيون تحت الاحتلال، والكل يعانون من الاضطهاد العنصري، اذ لا يفرق المحتل بينهم على اساس الدين بل على اساس الانتماء الوطني..
وقال غبطته أن ثمة مطراناً تابعاً للبطريركية يتابع شؤون ابناء الطائفة، ويعود إلى بكركي بين الحين والآخر لينقل صورة واضحة عن الاوضاع هناك، عموما، مع تركيز على احوال “الرعية المارونية”، وهي قليلة العدد لكنها تجتهد في المحافظة على اوقاف الطائفة وترشيد ابنائها وتعزيز صمودها.
وسأل غبطته عن دور النواب العرب في الكنيست الاسرائيلي فقيل له، ما معناه، أن دورهم لا يتخطى اثبات الوجود والاعتراض على مصادرة الاملاك، والعنصرية الفاجرة في التعامل مع “أهل الارض الذين جعلهم الاحتلال اقلية”.. وهم على أي حال، مجرد صوت يرتفع بالاعتراض، ليسمعه اهلهم في الداخل، خصوصا ومن ثم اهلهم في الوطن العربي بأنحائه جميعاً.
حين انتهى اللقاء، وقف غبطته مودعاً وهو يقول لوفد الارض المحتلة: كم كنت اتمنى لو اتيح لي أن ازور الارض المقدسة، ولتعذر القيام بمثل هذه الزيارة فإنني اكتفي بالصلاة، لعل الله يقرب الفرج ويمكن لكل مؤمن، وانا والكل، أن يصلي في كنيسة القيامة. ليكن الله مع فلسطين، وانقلوا تحياتي وبركاتي لأهلها جميعاً.