طالما غنى “الزحالنة” متباهين: “زحلة يا دار السلام. فيكي مربى الاسودي”.
مع اهل زحلة التي اعطتنا احد اكبر شعرائنا، سعيد عقل، بغض النظر عن تحولاته وارتداداته وتجاربه الفاشلة في تحطيم اللغة العظيمة التي اعطته موقعه المميز في دنيا الشعر، خصوصاً، والثقافة عموماً..
مع اهل زحلة، ثم التي اعطتنا المعالفة، وفيهم قافلة من الشعراء والادباء والمبدعين من الكتّاب..
مع اهل زحلة الذين جرت اكثر من محاولة لأسرهم في سجن الطائفية والمذهبية، فأفشلت المحاولة روح هذه المدينة التي كانت موضع الفخر لمحيطها الذي تعامل معها، متجاوزاً الانتماء الديني، على انها “عاصمته”..
مع اهل زحلة، الياس طعمه السكاف، ثم جوزف السكاف ومن بعده ايلي السكاف ومريام طوق السكاف، مع جوزف ابي خاطر والسفراء الذي اضافوا إلى رصيد لبنان، عربياً ودوليا..
مع اهل زحلة بأصالتها، بموقعها الممتاز في محيطها، كعاصمة للبقاع، بغربه وشرقه ووسطه، بمسيحييه كاثوليك وموارنة وارثوذكس وارمن، بسنييه وشيعته ودروزه،
مع اهل زحلة عاصمة البقاع، حتى لو صار محافظتين،
مع اهل زحلة، وقد باتت ذكريات الحرب الاهلية من الماضي، وذلك في مصلحة هذه العاصمة التي يضر بها التعصب، وتخنقها الطائفية، ويمسخ تاريخ شعرائها الكبار، ويتسبب في تجفيف نهر البردوني وهرب قاصدي “جارة الوادي” التي غناها احمد شوقي بصوت محمد عبد الوهاب واحدة من اجمل اغاني الزمن الجميل..
واذا كان بعض اهالي زحلة قد أخذهم التعصب إلى سمير جعجع، فهذا شأنهم، بغض النظر عن رأينا في هذا الموقف..
أما أن يجبر كل من عبر زحلة قاصداً المدن والقرى في غربي بعلبك على المرور تحت صورتين تعلوان القوس المرفوع عند مدخلها الشرقي، فذلك امر مستفز لزحلة قبل محيطها..
استقبلوه، اذا شئتم، ولكن لا تجبروا غيركم على العبور من تحت صورتيه، وكأنه سيد تلك الديار التي لم تعرفه الا بصفته الاصلية: القاتل.. قاتل البطل الوطني رشيد كرامي ـ وداني شمعون والعديد من الشهداء .. وهذا هو تاريخه.