طلال سلمان

عن داحس والغبراء في القرن الحادي والعشرين!

لم يسبق أن شغل العالم خلاف مجهول الاسباب، مفاجئ في توقيته، غامض في استهدافاته، كالذي تفجر، بلا مقدمات او مؤشرات او ايحاءات، بين المملكة المذهبة والامارة المن غاز.

على امتداد شهر كامل تواصلت الحملات السياسية ـ الاعلامية، وتوالت تدابير الحصار، جواً وبراً وبحراً، واكتسى الخطاب لغة هجومية غير مسبوقة سقطت معها اعتبارات الاخوة والجيرة والتناغم السياسي المرتكز إلى الثروة، بالنفط او الغاز، ومشروع الانفصال عن سائر العرب في مجلس التعاون بين أغنيائهم في الخليج..

شدت السعودية ومعها دولة الامارات والبحرين مصر إلى حلف “حربي”، مستندة إلى سوابق الحكم في قطر في احتضان تنظيم الاخوان المسلمين ثم في اسناده ودعمه خلال الفترة القصيرة التي امكنه خلالها التسلل إلى قمة النظام وحكم مصر..

ولقد شغلت هذه الازمة الخطيرة مجهولة الاسباب، حتى الساعة، اهتمام العالم بشرقه وغربه، واشنطن اساساً ثم باريس وبرلين وانقره وموسكو وبيكين، في حين وقف فقراء العرب يتفرجون على صراع “اخوتهم الاغنياء” الذين لم يهتموا بأن يبلغوهم بأسباب الخلاف المستعر، ولا بطبيعة الوساطات الدولية التي شغلت عواصم الكون:

ـ تفرغ الرئيس الاميركي العائد حديثاً من القمة العربية ـ الخليجية ـ الاسلامية في الرياض بأكثر من اربعمائة وثلاثين مليار دولار، لمعالجة الازمة هاتفيا: اتصال بالملك سلمان يليه اتصال بالشيخ تميم، وبينهما اتصال بالوسيط الدائم الشيخ صباح سالم الصباح.

ـ حاول الرئيس التركي اردوغان لعب دور الوسيط، فلم تقبله الرياض التي رأت فيه طرفاً بدليل قاعدته العسكرية التي تشغل حيزاً من قاعدة العيديد الاميركية في قطر..

ـ انحازت عواصم غربية كبرى، بضغط مصالحها والرغبة في استثمار الخلاف إلى الدوحة، من دون اغضاب السعودية، وهكذا مهدت لان تلعب دور الوساطة.

ـ أعطى الرئيس الاميركي وزير خارجيته اجازة مفتوحة يتنقل خلالها بين الرياض والدوحة عبر الكويت، وطلب اليه الا يعود حتى يحل الخلاف..

ـ أما بقية القادة العرب فقد قعدوا على اقفيتهم ينتظرون اخبار الوساطات، ويتابعون حركة الوسطاء من دون أن يستطيعوا تحديد مسائل الخلاف لكي يستطيعوا اتخاذ موقف.. لم يطلبه أي من طرفي النزاع..

… وها قد مر شهر من التفاوض على شروط “المصالحة” وكلفتها، التي لا بد أن تتضمن مكافآت مجزية للوسطاء والمناصرين على الجانبين..

المهم أن الوساطة بين الاخوة العرب تتم باللغة الانكليزية وان تمت ترجمتها دائماً بالدولار، مليارات ومئات الملايين، فضلاً عن صفقات السلاح والطائرات ومشاريع الاستثمار والتصنيع، واتعاب مراكز الدراسات ومكاتب المحامين الدوليين الخ..

وغدا، حين تطلق زغاريد الفرح بعودة الوئام وغلبة الاخوة الثابتة على تفجيرات الغضب والعتب والخصومة العارضة، ستسقط “قناة الجزيرة” بالضربة الثأرية القاضية لأنها تجاوزت دورها كمحطة لتعليم القرآن والترفيه عن الاخوة الفقراء الذي رماهم القدر بعيداً عن الارض المتفجرة بالنفط او مياه البحار المتفجرة بالغاز..

لكن احداً لن يعرف اسباب هذا الخلاف القبلي المتجدد بين آل سعود و”انسبائهم” آل ثاني واجتماعهم في اطاعة القائد التاريخي العظيم محمد بن عبد الوهاب، مؤسس الوهابية التي غيرت العالم فأعادت اتباعها إلى زمن الجاهلية في انتظار بزوغ فجرالاسلام!

Exit mobile version