تعددت لقاءاتي، وكذلك العديد من الصحافيين العرب، مع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي بلغ موقع الرئاسة عبر سلسلة من المصادفات مشفوعة بدهائه واتقانه اللعب مع الافاعي حتى حكم واحداً من اصعب البلاد العربية حكماً مفرداً لمدة ثلث قرن او يزيد… ثم قضى مقتولاً، بيد بعض من حالفهم ثم خالفهم معتمداً على “الشقيق اللدود” المملكة العربية السعودية.
في واحد من هذه اللقاءات، سألني علي عبدالله صالح: الا تريد بعض “الكيف”. لدي أطرى حزمة من “القات”، فما رأيك لو “نخزن” معا؟
باغتني السؤال “الطريف”، ولم يكن بوسعي أن اقبل، لذا اخترت “ارق” صيغة ممكنة للاعتذار: بوسع سيادتك أن تخزن، وانا الى جانبك ادخن..
لاحظت شيئا من الحرج على وجه علي عبدالله صالح، فقلت: لا اعدك انني سأخزن، ولكنني سأمسك بحزمة القات ومعه سيكاره..
انطلق علي عبدالله صالح يشرح لي “فوائد” القات حتى استفزني، فقاطعته قائلاً: لقد انتشر هذا الوباء، برعايتك، حتى اصاب الاكثرية الساحقة من اليمنيين… وها أن معظم ملاك الارض الزراعية قد استغنوا عن زراعة البن وهو ثروة وطنية فريدة، والاشجار المثمرة ليزرعوا القات..
قال علي عبدالله صالح بلهجة اعتذار: حاولت، ولم استطع..
اجبت من دون تفكير: وهكذا اندفعت إلى التخزين، حتى باتت هذه الآفة تهدد اليمنيين بالجوع. اين الذكاء اليمني؟ اين الدهاء؟ أين سيوف الفتح الاسلامي؟
ضحك الرئيس اليمني حتى بانت نواجذه وهو يقول: هل أدركت الآن لماذا أخزن! أن التاريخ موجع، والافضل أن ننسى الماضي، والقات أفضل دواء للنسيان!