طلال سلمان

على الطريق نيكسون … والقضية

نشك كثيراً في أن يكون الرئيس الأميركي نيكسون قد استطاع أن يميز، وبالتالي أن يقرأ – في الزحام المثير – تلك اللافتة التي تطلب العدالة لفلسطين وشعبها.
لكن هذه اللافتة “الغريبة” وسط مظاهر الحفاوة البالغة، تجسد موضوع الامتحان الحقيقي لنيكسون ولمضيفه، وللزيارة التاريخية التي يرى فيها البعض تتويجاً لتحول أميركي، بينما يرى فيها المواطن العادي تأكيداً لهوية انقلاب عربي شامل بدأ مع رحيل القائد جمال عبد الناصر ولا زال مستمراً حتى الساعة.
ولسوف تبهت تباعاً الذرائع والأسباب والموجبات السياسية المباشرة التي تذكر الآن تبريراً لزيارة نيكسون، لكن ثمة حقيقة ستبقى، بعد انفضاض الزحام، وهي القائلة: إن فلسطين هي التي جاءت بنيكسون.
وفلسطين، فلسطين القضية والشعب المضيع والمصير، هي التي ستقرر – بالنتيجة – ما إذا كانت الزيارة قد تمت على حسابها، أو لحسابها. ففلسطين هي، بعد كل حساب ، المسألة المركزية في النضال العربي المعاصر.
فلسطين هي نقطة التقاطع بين أهداف هذا النضال: الحرية والاشتراكية والوحدة.
هي الطريق وهي الهدف. هي الشعار وهي الدليل. هي القصيدة وهي البندقية.
هي “القضية”.
وعلى امتداد ربع القرن الأخير، كانت فلسطين المانع الذي سد الطريق إلى الأرض العربية على أسلاف نيكسون، من ترومان إلى ايزنهاور، إلى كنيدي إلى طيب الذكر جونسون… بل وعلى نيكسون ذاته حتى حرب رمضان.
ولأن حرب رمضان “فلسطينية”، تماماً مثل حرب 1967، ومثل حرب 1956، ومثل حرب 1948، أمكن توظيف محصلتها الإيجابية في “علاقات جديدة ومن نمط مختلف” مع الولايات المتحدة ومع غيرها.
لكن الساحر الأميركي يريد أن يرى في حرب رمضان خروجاً من فلسطين وليس دخولاً حميماً إليها.
وهو يتصرف وكأن حرب رمضان “باب خلفي” إلى الأرض العربية يغنيه عن الباب الأصلي، الباب الفلسطيني.
لكن الزيارة، بكل ضروب الحفاوة التي حفلت وستحفل بها، ستسقط هذا الوهم… لأن فلسطين ستقتحم على المستر نيكسون كل مكان يتواجد فيه: فهواء هذه المنطقة فلسطيني، وكذلك الهموم والمطامح..
بما في ذلك هموم الرئيس السادات ومطامحه.

Exit mobile version