طلال سلمان

على الطريق حكم المؤامرة!

“المؤامرة هي هاجس اللبناني سواء أكان حاكماً أم معارضاً،
المعارض يرى المؤامرة متربعة في دست الحكم ويدعو لإجهاضها أو إفشالها أو إسقاطها بإسقاطه!
أما من تيسر له المقادير أن يقفز إلى سدة السلطة فسرعان ما يكتشف أن هذا البلد الصغير والجميل هو ضحية مؤامرة دولية خطيرة تستهدفه بأشخاص حكامه فتحاول إسقاطه بإسقاطهم.
الآن ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية – الاجتماعية كما لم يحدث في أسوأ أيام الحرب الأهلية، يتناوب أطراف الحكم للتنديد بالمؤامرة وفضحها والتحذير منها، ناسبين إليها كل الأسباب التي أدت إلى الأزمة والتي تفاقمها، بما في ذلك الزفت المغشوش الذي ما أن حط على الشوارع حتى طار، والزيادة المرتجلة التي منحت لمن كان ينبغي صرفهم من الموظفين المتقاعسين أو المرتشين أو الغائبين، والموازنة غير المتوازنة التي زايد فيها النائب على الوزير ثم الوزير على النائب حتى فقدت أي صلة بقدرات الخزينة وموارد الدولة واحتياطي الناتج القومي الخ…
الطريف أن أطراف الحكم قد فوجئوا بالاحتلال الإسرائيلي ونتائجه المريعة، سواء على الأرض أم على طاولة المفاوضات في واشنطن، كأنهم كانوا يتوقعون أن يبدل شامير من طبعه ومن تطبعه بمجرد أن يعرف أن هؤلاء الصناديد قد تسلموا مقاليد الأمور في لبنان تنفيذاً لاتفاق الطائف!
كذلك فإن الحكم مصاب بصدمة “التخلي الأميركي” كأنما كان يفترض نفسه الطفل المدلل لإدارة بوش – بيكر، وفي رأس سلم الأولويات بالنسبة لأوروبا، والشغل الشاغل لليابان، حتى إذا جد الجد أنكروه وتجاهلوه وعاملوه كأي بلد معاق في العالم الثالث المرمي خارج ذاكرة العصر،
ثم إن الحكم عاتب على السعوديين خاصة، والخليجيين عموماً، الذين وعدوه فأخلفوا، كأنما هي المرة الأولى لأخلافهم بالوعود… علماً بأن الوعد بإقامة مجلس شورى في السعودية، مثلاً، قد ناهز السبعين من عمره من دون أن يتحقق.
في لحظات معينة يبدو العتب ذا طابع شخصي: قاتلهم الله، لم يعطوا في أيامنا ليكون لنا في “الحلو” نصيب!
وإذا صدقنا حديث “المؤامرة” ومشينا معه إلى النهاية لتوجب أن نضع الحكم في قائمة المتآمرين، فهو نفذ ما كان ضرورياً تنفيذه لإنجاح المؤامرة،
إنه حكم المؤامرة، إذن، وهذه إنجازاتها، وبمنطق الحكم ذاته!
أم إنها مؤامرة الحكم على ذاته والبلاد ليثبت صحة تقديره؟
وأين المؤامرة في بلاد يلغي الرئيس فيها الرئاسة والمؤسسة ويلغي الوزير فيها الحكومة ويترك الشارع للفراغ والجوع ومافيات، الطوائف؟

Exit mobile version