طلال سلمان

على الطريق حذار يا عرب!

… وهكذا صار مطلباً عربياً أن تبقى إسرائيل في الأمم المتحدة، عضوا كامل الحقوق، محترم السيادة والإرادة، مشعاً في حضوره الحضاري… إذ ماذا سيفعل العرب في الأمم المتحدة، ومن سيهاجمون، وعن أي شيء سيتكلمون إذا طردت إسرائيل أو حردت فانسحبت؟
… وصار من مطالب العرب أن يفك “أصدقاؤهم” الحصار الذي ضربوه من حول إسرائيل، حتى لا تختنق… فإذا اختنقت تعذرت التسوية ولم يبق من مجال إلا العمل بشعار “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”، والعرب أهل سلم وسلام ومن محبي الحياة والحرب عندهم هي “الكريهة”.
… وصار من مطالب العرب النضال بكافة السبل حتى لا ينهار مؤتمر جنيف للسلام، الذي لا يعرف أحد متى وكيف ولماذا وبمن ينعقد… وربما لهذه المجهولات كلها نريده نحن ولا تريده إسرائيل التي لا تؤمن كثيراً بالغيب وما في ضمير الغيب، وهو للمناسبة – ضمير الغيب – من أشد أنصار القضايا العربية حماسة!
فكيف، بالله عليكم، سنجبر إسرائيل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وما تفرع عنهما من مؤسسات ووكالات، إذا كانت إسرائيل خارج الأمم المتحدة؟
ألستم ترون كيف إنها، حرصاً على عضوية الأمم المتحدة، لا تجرؤ على الاعتراض على قرار، ولا تتأخر في تنفيذ أي قرار، ولا تجادل أو تماحك أو تماطل بل تصدع لأوامر “المجتمع الدولي” فوراً وبلا أدنى تردد بدليل… ما أكثر الأدلة من حولك: في لبنان، في سوريا والجولان منها بالذات، في مصر وسيناء بالبترول فيها والممرات، في فلسطين التي لولا احترامها الشديد للأمم المتحدة وقراراتها لكانت إسرائيل احتلتها واستوطنتها وطردت شعبها العربي شر طردة!
ثم، ألستم ترون إن “طرد” إسرائيل من الأمم المتحدة سيثير “عطف” شعوب العالم وتعاطفها مع شعب إسرائيل المتعدد المصادر والولاءات واللغات والجنسيات والنشاطات، تماماً كما يليق بشعب الله المختار؟! وهل تريدوننا أن نفقد مع رضى العالم رضى الله علينا فنخسر الدنيا والآخرة إضافة إلى الأرض؟! لا يا سيدي، إلى الجحيم الأرض مقابل أن تبقى لنا نعمة الهداية ورأس الحكمة التي هي مخافة الله والمجتمع الدولي!
كل من سار على الدرب الأميركي وصل.. إلى إسرائيل!
هذه هي العبرة في الموقف المصري الغريب، العجيب والمريب من موضوع طرد إسرائيل من الأمم المتحدة.
… وكل ما نرجوه ألا يضطر صاحب هذا الموقف إلى استخدام القوة العسكرية دفاعاً عن استمرار وجود إسرائيل في الأمم المتحدة، أو… عن بقائها في الأراضي العربية المحتلة، حرصاً على أن يظل العطف العالمي معنا ومحرومة منه إسرائيل!

Exit mobile version