طلال سلمان

على الطريق القتل في الوقت الميت!

هل بات مطار بيروت آمناً بالنسبة للأميركيين، الآن؟!
هل وفرّت أشلاء ضحايا التفجير الإسرائيلي، في ضاحية بيروت الجنوبية مساء أمس الأول، الطمأنينة المطلوبة للسواح الأميركيين، ومن ضمنهم أولئك الذين يجيئون ليؤكدوا تحدرهم من صلب لبناني بالتهام التبولة والكبة النية و”قصبة” الماعز التي “تقرش قرش”؟!
لقد شكل “عمق المطار”، أو “محيط المطار” أو “المنطقة من حول المطار” أو “موظفو المطار” وشركة الطيران اللبنانية اليتيمة، “هواجس” جدية دارت من حولها أسئلة الموفد الأميركي “السميع” روبرت بيلليترو، طوال زيارته الأخيرة لبيروت، بشقيها العلني أو الذي بقي من دون إعلان إلى ما بعد رحيله بالسلامة..
ثم إن هذه “الهواجس” نفسها هي التي استدعت تشكيل اللجنة الأمنية اللبنانية – الأميركية المشتركة، وحولها ستتركز أسئلة جماعة البنتاغون والمخابرات المركزية (سي. آي.أي) والشرطة الفيدرالية (أف. بي. آي)، وربما أجهزة أخرى، لذلك النفر من الضباط الذاهبين من بيروت، ومن مطارها بالذات، وفي نفسهم شك في أن تقبل واشنطن أجوبتهم التقنية وتطميناتهم الأمنية رداً على أسئلتها السياسية.
لقد ضربت إسرائيل ضربتها الأولى هناك تماماً، في “عمق المطار”،
أي أنها ضربت حيث الهدف المشترك للتحالف الاستراتيجي الأميركي – الإسرائيلي. وبالتالي فإن ضحايا السيارة المفخخة من عباد الله المزدحمين كالسردين في ذلك الحين السكني البائس، وأمام التعاونية، وعلى طريق جامع بئر العبد، هم “أهداف مشتركة” للحليفين.
واحد يحدد الهدف، والثاني يجرب إصابته بطلقة واحدة، موقعاً أكبر عدد ممكن من الضحايا، لا يهم إن كانوا مدنيين والغالبية فيهم من النساء والأطفال والشيوخ.
ورابين يعترف مداورة بأنه المفجر والقاتل وصانع المساء الدامي: “لبنان يعرف لماذا”!!
ليس “حزب الله” إذن، بل لبنان.
وشيمون بيريز يؤكد “براءة” “حزب الله”، أو على الأقل عدم تخصيصه بالاستهدام: “لم ينتهك “حزب الله” اتفاق تموز 1993… لكن سوريا قادرة على وقف عليمات “حزب الله” المنطلقة من لبنان”.
إذن فالهدف سوريا إضافة إلى لبنان عبر أبنائه الضحايا الطائرة جثثهم وأشلاؤهم إلى سطوح العمارات المجاورة للمكان المختار لتفجير السيارة المفخخة.
ليس ذلك، في نظر الأميركيين، خروجاً على قواعد اللعبة.
إنه تحرك ولو بالشغب داخل الملعب و”الأصول” وليس خارجه أو خارجها.
فالتقدم غير ممكن، ونسف المفاوضات ممنوع. الحرب مستحيلة، و”السلام” متعذر ما لم يضعف أحد الطرفين بما يكفي لكي يضطر إلى إعلان الإذعان بالتوقيع.
إنه شغب محدود بين استحالتين.
وبائس من يسقط في “الوقت الميت”.
وصورة واشنطن تزداد شحوباً وتبهت خلف الغرض الإسرائيلي الطاغي.
هل يحاول رابين إقناع لبنان (و”حزب الله” ضمنه) وسوريا عبره، إن واشنطن لا تنفع كواق من الصدمات ولا كمانع للصواعق، وأن لا غنى له ولها عن خيار مماثل لذلك المركب الخشن الذي تنكبه ياسر عرفات ثم الملك حسين؟!
أم أنه يقول إن “المفاوضات بالدم” هي أقصر طريق إلى اتفاقات الإذعان؟!
في أي حال فقد فهم اللبنانيون والسوريون جميعاً مضمون الرسالة.
والجواب لن يكون في واشنطن، بل لا بد أن يمر بمحطات وسيطة كتل أبيب لترجمته بحيث يصل مفهوماً.
والجواب ضروري لواشنطن قبل أن يكون مطلوباً في بيروت وفي دمشق أو خاصة من طرف حزب الله”.
فاللبنانيون جميعاً الآن، ومعهم السوريون، أعضاء في “حزب الله” لأنهم مستهدفون فيه وعبره بقدر ما هو مستهدف فيهم وعبرهم..

Exit mobile version