طلال سلمان

على الطريق الفاتح… والمعركة المفتوحة

تجيء الذكرى السابعة للفاتح من سبتمبر “أيلول” والوطن العربي في أمس الحاجة إلى “أيام” عديدة من نوع ذلك اليوم الأغر في التاريخ العربي الحديث، وإلى “فتية” كأولئك الذين فجروا “ثورة مستحيلة” في “صحراء من الذهب” محروسة بقوى الاستعمار والرجعية جميعاً، مثبتين إن الإنسان العربي أقوى – بإرادة التغيير فيه – ليس فقط من الإمبريالية والعروش “المقدسة” بل هو أقوى من النفط أيضاً.
تجيء هذه الذكرى التي أسقطت ليل هزيمة 1967 في غمرة محاولات حثيثة تبذل الآن لكي تخيم على الوطن العربي، ومن جديد، ظلمة ليل بهيم أشد كثافة وأكثر وحشة من سابقه.
فمن حول ليبيا التي تفجرت فيها ثورة الفاتح تحتشد جيوش دولتين شقيقتين هما مصر السادات وسودان جعفر نميري لإسقاط “المشاغب” معمر القذافي الذي يرعبهما والحلفاء كونه يمثل “شباب جمال عبد الناصر”، أي إرادة التغيير، أي حركة القومية العربية والثورة العربية أي إرادة الوحدة العربية، وما أرعبه من شبح أو كابوس يقض مضاجع الهائنين من الحكام العرب.
معمر القذافي…
من أين جئت، ولماذا ترفض أن ينتظمك طابور الحكام “الطيبين” الذين يتكاتفون ويتساندون ويشد كل منهم أزر الآخرين في “حلف مقدس” له متانة البنيان المرصوص؟!
لماذا لا تكون، أو لا تصير عاقلاً؟
كنا ننسب “طيشك” إلى حماسة الشبان الصغار في السن، فلماذا تحتفظ به وتحافظ عليه وقد كبرت وأنضجتك التجاريب؟
وحدك، بين الحكام، “المشاغب” وعلى كل الحكام من جيرالد فورد ووزيره هنري كيسنجر وحتى… سليمان فرنجية ووزيره كميل شمعون…
على إن الخطة موضوعة والتنفيذ جار على قدم وساق، برغم دورك التخريبي كمعارض أوحد، وهذه الأمثلة ناطقة في لبنان كما في… الكويت.
ففي لبنان يجتث “الهدامون” من جذورهم، والتنسيق تام بين مختلف الأطراف المحلية والعربية والدولية، والنتائج رائعة، برغم إنك حاولت جاهداً أن تعطل الخطة وتوقف التنفيذ.
وفي لبنان تجري عملية استئصال لفكرة “الثورة” ممن يحملونها أو يحلمون بها سواء أفي أوساط الفلسطينيين أو اللبنانيين، وبمساهمة “عربية” مشكورة: فالسعودية وإمارات الخليج ساهمت بالمال واحلكم السوري ساهم بالقوات المسلحة اللازمة لتأديب المتمردين والعصاة الخارجين على الإجماع العربي، كما قام “الأنصار” داخل لبنان بدورهم كواجهة وأداة منفذة ثم كمنتصرين في هذه الحرب الضرورية لتنظيف المشرق العربي من الكفار والملحدين أصحاب الأفكار والمبادئ المستوردة.
… وإسرائيل حاضرة ناظرة تؤدي دورها بكفاءة منقطعة النظير وبغير أن تحمل الحكم السوري أكثر مما يطيق.
… أما في الكويت فتجري عملية “تجميل” بسيطة تكمل “الخطة” في لبنان: لقد استنهضنا همة (شيخ العود) فنادة على سيافه وأمره بقطع رأس الدستور ومجلس الأمة والصحافة والحريات الديمقراطية جميعاً حرصاً على سلامة شعبه القاصر، كما على راحة بالنا جميعاً.
وهكذا لا يبقى في المنطقة المشرقية من يتشدق بالديمقراطية، والحرية والأصول الدستورية الخ إلا دولة إسرائيل، وحمداً لله إن قلة معدودة من أبنائنا تعرف أو تتقن العبرية ناهيك عن استعدادنا لضرب كل من يحاول التعامل مع هذه الكلمات “المعادية” : أليست من إنتاج العدو ويجب أن تطبق عليها قوانين مقاطعة إسرائيل؟!
معمر القذافي،
في موعدك الحميم، في الفاتح من سبتمبر، في هذا العيد الناصري للثورة العربية نتلاقى مجدداً على الطريق إلى أهدافنا الغاليات: الحرية والاشتراكية والوحدة.
فلا هم استطاعوا أن يبيدونا في لبنان،
ولا طالت أيديهم فكرة الثورة، وإن كانوا لا يزالون يطاردونها في الجبال والبطاح والسهول والأودية، وفي عرض البحار،
وقضية فلسطين بخير، وكذا حركة المقاومة المسلحة، وإرادة الثورة والعودة في صدور أبنائها.
تماماً كما إنك أنت ورفاقك بخير، ولم تصل إليكم بعد يد السيد الرئيس أنور السادات، لتزيلكم عن الخريطة تحقيقاً لأماني وزيره إسماعيل فهمي عزيز العزيز هنري.
والمعركة مفتوحة ومتصلة في انتظار “الفتية” الآخرين القادمين على طريق عبد الناصر وبمبادئه لصنع أيام شقيقة “للفاتح” المجيد.

Exit mobile version