بهدوء مطلق، على جاري عادته، انسحب حسن السبع من حياتنا كأنه يتحاشى ان يزعجنا بخبر رحيله.. كأنه يريدنا ان نعتبره في اجازة، كأنه لا يريد ان يضيف إلى احزاننا ومواجعنا التي أثقلتها مقاديرنا في الفترة الأخيرة، فكاد الموت يسد علينا منافذ الأمل بحياة تليق بأبناء الحياة.
صحب رفيقة عمره ليلى، التي اكملت صورته البهية بدماثتها وخلقها وحرصها عليه، إلى المستشفى، ودخل قسم الطوارئ على قدميه رافضاً ان يتكئ على كتف علي حمود، شقيق ليلى. كان يحس بضيق في التنفس. وكان الانذار جدياً بتهالك القلب الكبير، هذه المرة.
قبيل انتصاف الليل رحل حسن السبع.
رحل الذي يؤرخ للناس حياتهم وانجازاتهم واخفاقاتهم، بعدما اطمأن إلى ان آخر المهمات في المركز العربي للمعلومات الذي يديره، قد انجزت، وإلى ان مطالب التحرير في »السفير« قد تمت تلبيتها. وكان يستعد لتعب لذيذ جديد مع حازم صاغيه في إعادة التعريف بالشخصيات القيادية، على غير ما عرفها الناس وعرفوا عنها.
… وكان يحضّر لتنفيذ أفكار جديدة لملفات جديدة.
… وكان يكتب مذكرة حول تطوير وسائل العمل.
… وكان يحضر لاصدار كتب جديدة لبعض كتاب »السفير« وبعض أصدقائها.
حسن السبع، الدمث، الودود، الذي تغمره السعادة كلما جاءه طلاب يريدون ان يعرفوا، أو صحافيون أو كتاب أجانب يريدون الاستعانة بمعلومات مدققة عن البلدان والحكام والقوى السياسية، في عالمنا العربي.
حسن السبع صديق الجميع، محب الجميع، معين الجميع.
حسن السبع الذي ترعرع في »السفير« فأعطاها الكثير، ثم تولى المسؤولية عن »المركز العربي للمعلومات«، فجعله بين أهم مراكز المعلومات في الوطن العربي بالتعاون مع زميلاته وزملائه الذين أحبوه كما لم يحبوا أحداً.
حسن السبع، الأخ الشقيق لباسم، الذي كبر في »السفير« وكبرت به، قبل ان يدخل السياسة من بابها العريض نائباً ووزيراً، والكاتب بالعدل وائل، والمسؤول في وزارة السياحة طارق.
حسن السبع الذي كان يوزع الفرح على الجميع، وينجز بغير تبجح، ويكتب لنفسه ولغيره، ومن دون توقيع، رحل بهدوء…
كأنما لم يعد يجد متسعاً لمن هم مثله في البلد الذي تجتاحه رياح السموم الطائفية.
شهيد الصحافة الصامت، شهيد البحث الجاد عن الحقيقة، غادرنا إلى الدار الآخرة. رافقته السلامة.