اعترف لكم انني في الماضي عندما كنت اسمع عبارة “شعب الجبارين” كنت اضحك سرا وعلانية. ليس مثلي من لا يعرف ان الفلسطينيين وخصوصا اهل غزة لا يختلفون عن أي عربي في اي شيء. جزء منهم أصولهم يمانية وجزء آخر قيسيون وثالث مصري ورابع مغاربي. وقد عجنتهم ارض فلسطين وبينها غزة في خبيز شبه موحد بسبب الظروف الخاصة سواء تعرضهم وقسم كبير من الساحل السوري للحملات الصليبية او للمشروع الصهيوني. وهذا ما بدأ يخلق درجة من درجات الاختلاف والتفاوت حتى مع أصول هذا الشعب الذي لم ينس ابدا أصله. كثرة لا يعرفون ان حوالي ثلث سكان فلسطين الجنوبية هم من أصول مصرية.
ولذلك كان مؤلما جدا للكثيرين ما يسمعونه من بعض المتعصبين في مصر وهم قلة حول غزة. وكل من يعرف التاريخ يفهم ان مصر عندما تكون قوية تحتضن بلاد الشام وتصل قوتها إلى جبال تركيا.
في كل حال ما أردت قوله هو أن الظروف هي التي جعلت من الفلسطينيين عموما ومن أهل غزة خصوصا أصحاب سمات خاصة. مثلا ثلثا سكان غزة من اللاجئين وأغلبهم اصلا من أهالي قرى لواء غزة وبئر السبع والرملة. وهؤلاء ذاقوا الويل في مخيمات اللجوء وفي قفراء غزة الفقيرة من كل الموارد. ونشأت أجيال هم أحفاد من طردوا وشردوا من ديارهم وقيل عنهم ان الكبار يموتون والصغار ينسون. الميزة هي ان الكبار ماتوا وتركوا حسرات في قلوب الأبناء والاحفاد ولم ينس احد.
ظلت فلسطين أملا وتطورت بحيث لم تعد مجرد ارض صارت في نظر الأحفاد بوابة إلى السماء. الأحفاد يهرعون للموت من أجل الارض ويذيقون العدو بعض ما ذاقه اجدادهم. والامهات تزغرد للشهداء. ورغم المعاناة الشديدة الا ان أحدا لا يرى ان هناك طريق لاتراجع. وكما كانت كل ثورات فلسطين تنفجر رغم الجراح ورغم تكالب الأعداء. وعموما لو لم تحقق معجزة ٧ اكتوبر هدفها بتحرير جزء من ارضنا فأن الأجندة الفلسطينية ستظل تحفل بأيام انفجارات تتواصل طالما بقي الحق مسلوبا من اهله. حقا وفعلا ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.