طلال سلمان

سقوط الحواجز المفخخة: “تنذكر وما تنعاد..”

بين ما انجزته هذه الانتفاضة المجيدة انها قد اسقطت الحدود المفخخة، بالطائفية والمذهبية ليس فقط بين “البيروتين” بل كذلك بينهما وبين عواصم المحافظات وبلداتها: طرابلس وزغرتا والكورة وعكار المنية، زحلة وسعدنايل وتعلبايا، قب الياس والمرج وجديتا وحاصبيا، وفي الجنوب من صيدا إلى صور ومن النبطية إلى بنت جبيل والخيام ومرجعيون وصولاً إلى شبعا الخ .. وفي الجبل بين الدامور واقليم الخروب وبين بعقلين ودير القمر الخ..

تلاقى اللبنانيون جميعاً، رجالاً ونساء، شبانا وصبايا الورد، فتية وتلامذة مدارس، فاذا الكل مثل الكل، واذا الهموم هي هي، واذا مصادر الفرح، على قلتها، هي هي، سواء في “المناطق المحرومة” او في “المناطق المفخمة” التي تعتبر مرتاحة، وربما مرفهة، كمدن وبلدات جبل لبنان من جل الديب إلى جونية فإلى جبيل، ومن بعبدات الى بكفيا ففاريا الخ… واذا الغبيري والشياح وبرج البراجنة تشابه الزلقا والفنار وانطلياس الخ…

على أن الاخطر أن هؤلاء المواطنين، وعلى اختلاف انتماءاتهم الطائفية والحزبية يرون أن “الدولة” بحكوماتها ومؤسساتها والادارات بعيدة عنهم، لا هي تعالج اوضاعهم ولا هي في مستوى آمالهم فضلاً عن طموحاتهم.

ثم أن التغيير يكاد يكون في حكم المستحيل بسبب الحساسيات الطوائفية التي زرعها النظام في نفوس اللبنانيين فجعل انتماءهم إلى طوائفهم يتقدم على انتمائهم الوطني..

وبين أخطر ما حققته هذه الانتفاضة الشعبية الرائعة انها قد قربت اللبنانيين بعضهم من بعض فاكتشفوا حقائق حياتهم التي زورها النظام الطوائفي الذي ميز بينهم على قاعدة طائفية بل مذهبية، فاذا المواقع الحاكمة (رئاسات ونيابات ووزارات) توزع على اساس الانتماء الطائفي وليس على اساس الكفاءة والجدارة.

لقد أكدت بعض الوقائع التي شهدها الناس في الايام القليلة الماضية، وابرزها ما جرى بين الشياح وعين الرمانه أن “الانتفاضة” قد اسقطت الطائفية والمذهبية.. اذ انتهى التحرش الذي قصد تحريك الفتنة بخروج الاهالي في المنطقتين المتجاورتين بأهاليها الذين يستذكرون بكثير من الوجع وقائع “حرب السنتين” ولا يريدون لها أن تتكرر، وهكذا تلاقوا وسط اجواء من الفرح لعلعلت فيه الزغاريد واحتضن الكل الكل متعاهدين :”تنذكر وما تنعاد”..

Exit mobile version