طلال سلمان

سر غسان تويني المحاصر بين جبرانيين واليأس..

يستعجل غسان تويني اليأس، تارة بذريعة السن وطوراً عبر المقارنة غير المبهجة بين ما كان وما هو كائن وما يتوقع أن يكون، فيخلص الى ما يشبه القرار المربك والمرتبك: أديت قسطك للعلى فانصرف الى التذكار!
لكن الحياة لا تقبل اليأس، وهكذا ترى غسان تويني يقفز فجأة من لغة رثاء الماضي الجميل الى التحريض على اقتحام المستقبل المهيب لعالم الصحافة والإعلام بالأخذ بأسباب التقدم العلمي والتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة.
ثم ان غسان تويني محاصر بمفخرة «الأب المؤسس» والرغبة العميقة في تصور اكتمال الإنجاز بـ«الابن المطِّور»، وربما لهذا جاء حواره الطويل أقرب الى مطالعة شاملة عن دوره التاريخي كمرحلة وسيطة أوصلت ما بدأه «جبران الأول» الى ذروة تجلياته المهنية، وهيأت لما يمكن أن يطلقه «جبران الثاني» من بدائع القرن الحادي والعشرين.
انها بعض أسرار غسان تويني ونجاحاته المهنية على امتداد نصف قرن، تلك الوقائع والذكريات والصور واللطائف والطرائف والآراء التي يستجمعها ويعيد روايتها هذا المجلّد النفيس: «سر المهنة… وأسرار أخرى»، الذي أصدرته «دار النهار للنشر» مؤخراً.
لا تصلح صيغة الماضي للحديث عن الصحافة،
ولا يمكن قبول صورة «الراوي» للصحافي. انه ليس مجرد شاهد مهمته الوصف. انه ليس مجرد آلة تصوير. انه العين والأذن والعقل والوجدان معاً. انه مطالب بأن «يشرح» ما رأى، وأن يستعيد الخلفيات، وأن يحلل المعطيات، وأن يستشرف دلالات ما رآه. انه مطالب بعد الرؤية بالرؤيا.
وغسان تويني لا يروي فقط. لا يستطيع أن يروي فقط، خصوصاً انه كان باستمرار طرفاً. لم يكن مجرد محرر يقبع في مكتبه منتظراً الأخبار، ولم يكن مجرد «مخبر» يذهب لتغطية حدث ما ثم يسرع ليسبق زملاءه في النشر. انه «يدخل» في الحدث ثم لا يخرج منه أبداً، وغالباً ما يأخذ مكتبه وجريدته الى هناك.
والأمثلة عديدة وغنية:
عندما ذهب غسان تويني، في واحدة من أولى مهامه الصحافية، الى فلسطين ليغطي الحرب الاسرائيلية الأولى ضدها وضد العرب فيها، لم يبعث الى جريدته أخباراً، ولا حتى تحليلاً، بل لقد كتب مقالاً فيه رأيه ورؤاه. تقدم «السياسي» بالمعنى الوطني أو القومي، على «المهني».
يمكن للصحافة أن تنتظر، الأرض أغلى وأبقى،
كذلك فعندما ذهب غسان تويني الى معارضة الفساد والتزوير واستغلال السلطة في عهد بشارة الخوري، لم يرجع الى مكتبه بل ظل في الشارع حتى قدوم «العهد الجديد»، إذ أخذته «السياسة» أبعد مما كان يفترض به كصحافي، وكان المبرر ـ مرة أخرى ـ وطنياً عاماً يمكن قبوله ما دامت الصحافة مصنفة «مهنية سياسية»، وما دامت أعطت نفسها بعض ما يطلبه منها الناس: موقع السلطة المعنوية صاحبة الحق بالرقابة وبمساءلة الحكم والكشف عن أخطائه وخطاياه.
وتكرر الأمر، بعد ذلك، أيام معارضة ما سمي «حكم المكتب الثاني»، في عهد شارل حلو، إذ أخذ غسان تويني «نهاره» الى «الحلف الثلاثي» ثم لم يرجع الا وقد نُصِّبَ سليمان فرنجية رئيساً على البلاد تتويجاً لانتصار الحركة الديموقراطية والشعبية على العسكر!
هل غسان تويني صحافي فقط؟!
كل سطر في الذكريات يهتف: لا، أبداً. انه «صحافي» في جملة «مواقع» واهتمامات أخرى. فيه شيء من «المنظر» ربما بتأثير دراسته الفلسفة، وفيه بعض عيوب «المثقف» الذي كثيراً ما يركب خياله المجنح بعيداً عن واقعه حتى تصدمه غربته فيرتد خائباً، ممروراً، لا يرتاح الا الى يأسه فيسافر معه بعيداً عن زمرة السياسيين البلاخيال والبلاقدرة على المغامرة والمحدودي الفكر والهمة…
وغسان تويني سياسي لم يجد لنفسه موقعاً محدداً في هذه اللعبة التي تمتعه كثيراً، ولكنه يظل يشعر بأن نطاقها ضيق عليه.
إنه حائر محير، تعب متعب. قلق مقلق. تجذبه السلطة فتأخذه من المهنة حتى تفجعه فيرتد عنها عائداً الى مهنته ليشهرها سيف انتقام وتأديب لهؤلاء الذين لا يقدرون أصحاب الأفكار ويريدونهم دائماً «مستشارين» أو «مرتزقة». انهم يريدونهم «محامي دفاع» ولا يقبلونهم «شركاء»، حتى إذا ما انتهت «المواجهة» أخذ السياسيون كل السلطة وقرعوا جرس الانصراف للصحافيين طالبين إليهم بلهجة بطريركية أن يتابعوا مهمتهم المقدسة في رعاية «العهد الجديد»، وربما تكرموا عليهم بوسام أو برسالة تنويه لتوكيد المسافة بين أصحاب القرار وبين أصحاب الأفكار!

***

«سر المهنة… وأسرار أخرى» ليس تأريخاً لآل تويني ولـ«النهار» التي بدأت جريدة ثم اندفعت بقيادة غسان تويني لتغدو مؤسسة اعلامية كبرى،
انه في جانب منه تأريخ للحياة السياسية في لبنان على امتداد نصف قرن شهد تطورات هائلة، على المستوى المحلي كما على المستوى العربي، ناهيك بالدولي.
يمكنك أن تقرأ فيه سيرة هذا النظام اللبناني العجيب الذي تختلط فيه الوطنية بالطائفية، والفكرة القومية المتطرفة الى حد العنصرية بالتسليم بالقدر الغربي للمنطقة العربية، ويتداخل الصراع على الهوية مع صراع المصالح والفروق الطبقية بحيث يصبح لكل كلمة معنيان أو أكثر: ليس فقط حسب موقعها في سياق الحديث وإنما حسب قائلها!
كذلك يمكن أن تقرأ فيه سيرة للسياسيين الذين يصعب عليك تصنيفهم: هل هم من أهل اليمين أم من أهل اليسار، وهل هم عروبيون أم انفصاليون، وهل هم فلسطينيون أم اسرائيليون، وهل هم «جراجمة» جبليون أم «أمميون» مداهم مفتوح على الكون كله عدا ما خلفهم وما حولهم ومصدر أسمائهم والمسميات الأخرى؟!
وكثير من الوقائع والذكريات موجع وهو يستعاد الآن.
فالحياة السياسية العربية كانت هائلة الغنى، تصطرع في مواقع الحركة الشعبية والسلطة تيارات وعقائد وأفكار تعكس الطموح والرغبة الى التغيير والاستعداد لتحمل تبعاته، في حين أن العرب بلا حياة سياسية وبلا فكر وبلا عقائد الآن…
وعلى الصعيد الداخلي، وامتدادد لحركة الصراع السياسي عربياً، كانت الحياة السياسية غنية بهامشها الديموقراطي الذي يسمح بإسقاط رئيس للجمهورية، أو باقتلاع قوة متحكمة وحتى باجتياح الغلط مواقع السلطة جميعاً متى تهاوى القرار العربي، أمام الهجمة الاسرائيلية المعززة بالإسناد الغربي الشامل.
على أن بين أهم ما قرره غسان تويني في شهادته الموثقة أن صحافة لبنان تكون عربية أو لا تكون صحافة، ذلك أن الديموقراطية في لبنان مثل لبنان نفسه قرار عربي إلى حد كبير، حضورها يؤكد الرحابة الفكرية وسعة الأفق التي تتحمل قدراً من الصراع العقائدي أو السياسي، وغيابها يؤكد سيادة نظام القمع في كل مكان وفرض الخرس على الجميع.. من صنعاء الى نواكشوط مروراً ببيروت!
ولعل بين أسباب يأس غسان تويني انه يستشعر اقتراب زمان الخرس بينما تتيسر وسائل الاتصال والتواصل وتبادل المعلومات كما لم تكن في أي يوم..
وغسان المحاصر بين «جبرانين» يحاول استنقاذ هامش للكلام ولو في فلسفة السياسة غير السياسية للصحافة التي تتحول تدريجاً الى أداة إعلامية أو دائرة معلومات تنفع مادة أولية لحياة سياسية قد تأتي غداً أو ذات يوم،
ولعل سر ذلك اليوم هو الذي يشغل بال غسان تويني وسائر الصحافيين، فيجعلهم يلوون أعناقهم وأقلامهم في اتجاه الماضي هرباً من كآبة اليوم وغموض الغد الموضوع في الإقامة الجبرية بفعل الخرس العقائدي المهيمن..

 

معلمة المهندس الحسن الثاني

التوقيت هو «لب» السياسية. انه يشرح ويفصل ويفسر ما خفي ويوصل بيسر «الرسالة» المراد توصيلها إلى المعنيين.
وفي الكتاب الفخم الطباعة والباهر الأناقة الذي أصدرته «منشورات دانيال بريان» عن مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء، بالمغرب، رسائل عديدة تحاول أن تربط الأمس بالغد من ضمن رؤيا سياسية واعية تماماً لأهدافها المقررة.
ومع التنويه بالجهد المبذول في التصوير وتنسيق المادة وإخراجها ثم في الطباعة، فإن في «الرسائل» التي يتضمنها هذا الأثر النفيس ما يستوقف أي مراقب، لا سيما إذا كان عربياً ومن جماعة «العهد القديم»:
{ ثمة تركيز واضح على دور المسجد ـ المعلمة كرابط بين المتوسط والأطلسي،
«فمسجد الحسن الثاني يرتبط وحده بالعنصر البحري الذي يضفي عليه طابعاً خاصاً مع التركيز على إشعاع الإسلام، وتجسيداً لإرادة الحسن الثاني الذي أراد التوكيد على الأية الكريمة: «وكان عرشه على الماء».
لعل المسجد يكمل ما قصر عنه عقبة بن نافع، فاتح المغرب الأقصى وصاحب الكلمة الشهيرة: «والله لو عرفت أن وراء هذا اليم يابسة لعبرت..».
{ «البناية الواقعة في أقصى غرب العالم الإسلامي وفي مواجهة شمس الغروب»..
{ «وقد استعمل اسمنت ضوعف مفعوله أربعة أضعاف لا لدعم نفق تحت المانش، ولكن لإقامة صومعة لا مثيل لها»..
هل هذه المقارنة موفقة أو هي تفيد في تزكية المسجد؟!
{ ثم الاستشهاد بجملة لفاليري لا تعني شيئاً ولا تشي بعبقريته «يذكر بشيء ما»؟!!
{ والاستشهاد بكلام منسوب لفيكتور هوغو الذي كتب متسائلاً: «من سيبرز فجأة، من سينشئ هنالك في إحدى المدن العربية رمزاً لامعاً لا مثيل له يكون كالشهاب الذي يخترق الحجب بسهمه الذهبي»؟!
{ التوكيد ان المسجد هو أعجوبة العالم الثامنة وإنجاز القرن..
{ التوكيد الشديد للدور التفصيلي للملك في كل أمر من أمور البناء والمواد المستخدمة:
«كان لجلالته الرأي السديد في اختيار الألوان بصفة خاصة.. وكان جلالته يميل الى الألوان التي توحي بالحرارة أو بالقوة، وأشار على الصناع بإدخال الزليج.. وأمر أن يُعتنى كثيراً بمظهر الصومعة الشامخة… واختار حفظه الله لقاعة الصلاة اللون العسلي. وآثر ان يستعمل كلاً من المرمر والزليج على جانبي الصحن الأوسط. واختار قواعد الزليج الاخضر والأبيض.. أما اللون الأخضر والأصفر البرتقالي فقد فضلهما لتزيين المدرسة القرآنية».
هل ينتقص من قدر الملك، أمير المؤمنين، أن يكون قد أخذ مثلاً برأي المهندسين والصناع؟! وهل ينقص من قيمة هذه المعلمة العظيمة التي تحمل اسم الحسن الثاني فتخلده، ان يكون جلالته قد أوكل الأمر لأهله فأنجزوه وفق توجيهاته؟!
لماذا اصرار الحاكم، كل حاكم، على أن يكون هو صانع كل شيء، موجد كل شيء، القادر على كل شيء، العالم بكل شيء؟! لا يترك لأحد من شعبه شيئاً، كأن الآخرين جميعاً أصفار لا يفقهون في شيء ولا يتقنون شيئاً، قاصرون، وجهلة وأمّيون، وهو وحده العارف؟!
هل مما يزيد في كبر الحاكم أن يكون شعبه قطيعاً؟!
المغاربة لا يعرفون.. اما مهندسو الإدارة العلمية لمجموعة «بويغ» (شركة المقاولات الفرنسية المعروفة)، فقد «صاغوا اسمنتد من شأنه ان يضاعف بنسبة اربع مرات المقاومة المألوفة فيحقق بذلك رقماً قياسياً في العالم من حيث الاسمنت العالي الفاعلية.. وكان من شأن الزيادة في علو المنارة ـ التي تقررت بعد بداية اشغال البناء!! ـ ان ادى بالمهندسين العاملين في قسم التجهيزات (في بويغ، مرة اخرى) الى دراسة واستنباط اساليب خاصة لإعادة التركيب..
لا شك في أن المسجد انجاز معماري عظيم،
ومع التقدير للجهد والإتقان والفن الرائع، فالسؤال الذي يبقى في الذهن: هل كان هذا الانجاز في أولويات شعب المغرب؟! هل كان لو سئل رأيه فضله على ما ينفعه في حياته، في التفريج من ضائقته الاقتصادية، في وقت سيل هجرة ابنائه، الأدمغة والسواعد، الى فرنسا وسائر انحاء اوروبا حيث يموت ألف مرة في اليوم؟!
وسؤال أخير: هل لأعمال البناء والمقاولات التي نفذتها شركة «بويغ» الفرنسية علاقة بالفضائح التي تكشفت، في قلب تلك الشركة الكبرى والتي أوصلت رئيس مجلس إدارتها الى السجن بتهم أقلها الفساد والإفساد والرشى وسوء الإدارة؟!
رحم الله عقبة بن نافع!

 

كاظم الساهر

ليس أصعب من العراق: إنه حيث تتلاقى الذرى القاسية، وحيث تتجمع مفارقات التاريخ وتناقضاته مع التشويهات السياسية للجغرافيا البشرية.
و«العراقي» ممزق بين الحدين الأقصيين، في كل أمر، لا يعرف وسطد ولا يطيق أن يقف منه الآخرون في الوسط بين حزنه العميق الصحراوي الاتساع وبين تعطشه لفرح يأخذه إلى خلف البكاء.
يحب بغير حدود، يكره بغير حدود، يسكر بغير حدود، يندفع مع الشعر متخطيد كل الحدود، يغوص في تاريخ بلا قعر ويتسلق جدار مستقبل بلا سقف… لم يذكره التاريخ في غير صفحاته السوداء إلا نادرد، وهو يكافح ليقول إنه مساهم عظيم في كتابة الصفحات البيضاء.
فوق هذا كله؛ فاللهجة العراقية صعبة؛ تحس انها مكوّنة من مجموع الآمال المحطومة والأحلام المكسرة وأيام الهناءة التي تقصفت قبل اكتمال دورتها. تجمع فيها الغضب واليأس والخيبة والحدة و«بواقي» لغات الأقدمين ولهجاتهم. ترتطم الكلمات الفارسية الجذر ببعض التعابير المأخوذة من الكردية ومعهما إضافات من التركية، وحين تخالطان البدوية تنكرهما فتبقيهما على مسافة من «العربية»، فيتعب السامع بقدر ما يتعب المتحدث مهما كان فصيحد.
ولعل أعظم إنجاز لكاظم الساهر، قبل صوته، هو إبداعه في إيصال اللوعة العراقية بكلمات بسيطة، يتأنّى في نطقها كما تأنى في اختيارها أو في نظمها، بحيث يفهم السامع فيطرب وقد استوعب «الصورة» في حين كان يعاني مع سابقي هذا المغني الشاب، إذ يهزه الطرب ولكنه لا يبلغ النشوة المتلطية خلف الكلمات غير المفهومة والتي تحتاج الى من يترجمها.
كاظم الساهر فنان أبرز ما فيه ذكاؤه.
هو «كله على بعضه» حلو.
لقد نجح في تعميم الأغنية العراقية كما لم يحدث من قبل، برغم ما في الغناء العراقي من إبداع سواء في الصورة المأساوية الى حد الفجيعة، أو في اللحن الذي يأخذك الى ذروة الشجن، فيبكيك من شدة الطرب.
انه مترع بالحزن حتى الثمالة، ولذا قدر على أن يخرج منه، ونجح في اختيار المدخل إلى الفرح الجديد: الحب.
ولأن الحب العظيم بسيط، فقد ساعدت بساطة الكلمات، والتأني في نطقها، والتخفيف من التراث الموسيقي المثقل باللوعة، في إحداث نقلة نوعية في علاقة الجمهور بالأغنية العراقية.
كذلك فقد أضاف لمسة «لبنانية»، إذ يفاجئك حين يطمئن الى انه قد أطربك، بأن يشبك يديه مع مجموعته الصغيرة المنتقاة لتقديم وصلة «دبكة» عراقية لا تشوش على جو الغناء بل تضيف إليه.
في المقابل فقد حفظ للغناء «المصري» مكانته، إذ يعلن عن طربه هو شخصيد باستحضار واحدة من أغاني عبد الوهاب (بفكر في اللي ناسيني)، أو عبد الحليم حافظ (مغرور)، وتكون مناسبة لإطلاق الحزن العراقي المعتق مضمخد بالنشوة المصرية التي غالبد ما عبرت عن أحزانها بالآه ويا ليل يا عين.
لكن «بغداد» سرعان ما تجيء لتعيد كاظم الساهر الى قلب الوجع الذي لم يغادره قط، والذي لا يتعب كثيرد في أخذنا إليه، لأننا دائمد فيه.

Exit mobile version