طلال سلمان

رسائل إلى الضمير المتصل

لماذا هذا الضعف الشرس؟! لماذا هذه الاستكانة العدوانية؟!  لماذا هذا الصمت المدوي بالغضب؟!

حبك ينهكني، يأخذني إلى الضياع. أحاول أن أبتعد فيشدني نورك كالفراشة إلى الاحتراق، وأحاول أن أقترب أكثر فيرميني إهمالك في صقيع الغربة. لماذا تدفعني إلى التيه… هل الحب هو فقط العذاب؟!

أقرأ الحب في كتابك. أتعلمه معك..

كفى أرجوك. أنت تدمرني. كل كلمة تقولها تحفر لذاتها في وجداني وتستقر فتحكم حركتي. وها أنا الآن ممسوخة. أفكر بعقلك، وعقلك ليس لي، بل ربما بأحلامك، أو برغباتك، ثم أفاجأ بأنها لم تكن تماما هي أو أنني لم أصرها.

لا تستعار الأحلام ولا تؤجر ولا تنتقل بالتوصية والشفاعة. لكل أحلامه. ليس بعدكِ أنتِ إلا أنتِ، وسأجد نفسي حيث يأخذك حلمك. لا ترجعي إلى حيث أعجزني الضعف عن التقدم. انطلقي وامنحيني فرصة أن أجد نفسي حيث لا أستطيع الوصول. كلما فكرتِ بما أرغب فيه تعثرتِ، وكلما حققتِ ما ترغبين فيه ساعدتني على الاندفاع نحو آمالي. ليس الحلم مشكلة إلا للعاجز عن الحلم.

تتماهى أحلامي في أحلامك حتى لا أميِّز بينها، تأسرني سعادتك بأحلامك فلا أستطيع الخروج من إسارها. يأخذني التهيب من الخيانة فأراني غادرت نفسي إلى متاهة التمزق.

أكاد أستعير منك عمرك والندبة على الجبين.

وضعت على لساني كلامك، وفي وجداني أفكارك، وزرعتُ أحلامك في وسادتي.. فأين المفر؟! هل قدري أن أعيش ممزقة بين استحالتين: لا يمكنك أن تتكرر فيَّ، ولا يمكنني أن أقطع حبل السرة فأتحرر منك؟!

كل منا يصنع مستحيله، الفكرة الثابتة هي المستحيل. أما الجحيم فهو أن نعيش في ظل الوهم بأننا عاجزون عن الخروج من إرساء الفكرة الثابتة. فلنحطم أبواب السجن الوهمي. فلنسقط الاستحالات التي نصطنعها بعجزنا. فلنطرح أحلامنا للشمس. بوسعكِ أن تهزمي المستحيل بكلمة”أناللهالمقدسة والملعونة!

ألا يؤذيك هذا؟

بل أتحرر حين تتحررين. نحن كمثل التوأمين المتصلين. لا بد من الفصل المطلق ليعيش الإثنان بدل أن يموت المخلوق الموحد بالتشوه.

أأنتَ من يطلب التحرر؟!

ليس السجان أكثر حرية من سجينه، فكيف إذا كان هو السجن والسجان والسجين معاً؟!

متى حجرتُ على حريتك؟!

حين تعجزين عن القرار تتلاشى حريتي. يهجم الجراد على معنى حياتي فينهشه نهشاً!

لكن قراري ليس أكثر من قراءة في رغباتك!

لماذا تصادرين رغباتي؟! لماذا تئدين أحلامي. جميلة هي وأنا أنظرك من خلالها، لكنك ان أمسكتِ بها انحطمت.

إنما أدخلها بحبي..

هذا يؤذيك ولا ينفع الحب. إن خسرتِ أحلامك خسرتِ حبك وأفقدتني إحساسي بقيمتي…

عدنا إلى التماهي… حياتك أم حياتي؟

حياتك غير حياتي، لكنك إن أذيتِ نفسك دمرتني…

يكاد يخنقني الحصار. ألا تستطيع أن تحبني بغير أن تستنفد قدرتي على الحياة.

ولكنك أنتِ الحياة. أنت شمسها وزهوتها دافقها الرحب ونجمة الصبح لفجرها الجديد.

لا أتحمل كل هذا الإسراف في الحب. كيف يمكنني أن أعيش في أتون لا تصدأ ناره؟

خذي من حبي قدر ما تشائين. هو لك. أنت الناس جميعاً والحب كله، إن فاض عنك فليكن مشاعاً.

لستُ إلا هذا المخلوق الضعيف الذي ينهكه الحب. الكثير من الحب يلغي الإرادة. يلغيني. كأنك الغلاف الجوي لكوكبي الخامد. لا حدود لك، ولا خارج لي. لا أتحرك إلا داخل فلكك وأشعر بالرضا عن الذات التي لا تكتمل إلا بكِ.

الحب يقوي ولا يضعف، الحب يرفع ولا يخفض.

الحب أن تكوني أنت. الحب الحياة. من لا ينتبه إلى الحياة لا يعرف الحب.

هيا التفتي الى الشمس الجديدة وابدإي رحلتك مع الحب العظيم، مع النور، مع القوة، مع الرفعة، مع الحياة.. وأنت الحياة والرفعة والقوة والنور والحب العظيم، لو أردتِ.

Exit mobile version