انطلق الصوت عفياً، شجياً ورائقاً، فإذا بالوجوه تشرق وتكتسب قدراً من الصفاء كانت تفتقده، ورأى كل منا جمالاً في الآخر، وقرأ من تيسرت له متعة القراءة قصائد حب في العيون التي تحولت إلى بحيرات من الحنين واللهفة والتشوق إلى لحظة فرح مشتهاة.
تموسقت الأجسام والحركات، وهومت في سماء القاعة العابقة بالدخان أطياف الأحبة الغائبين، وارتعشت كلمات الاستذكار بالوجد: لمثلها يطيب الغناء، وكرسيها الفارغ يستجلب الحزن ويمنع الاكتمال عن ليلة الأنس،
بين لحظة وأخرى كانت صورتها تطل كومضة نور عبر كلمات الأغنية، أو عبر انفجار الوتر بالنغم، أو عبر انعطافة الصوت بذوب الذكرى إلى ذروة الطرب.
لسعد كان عبد الكريم يغني الأمل ويستدعي بهجة الروح،
لكن سعداً الذكي والشفاف سرعان ما استذكرها معنا وأدخلها في ”مسرحه” الجديد، فصار اللحن يسري رقراقاً بين القلوب المتقاربة في المنازل المتباعدة.
ليس الآخرون هم الجحيم دائماً.
الحياة أحياناً، وغالباً، هي الآخرون.
وفي الآخرين لكل منا لحنه وقصيدته والمسرحية.
ولربما وجد من كتب إليها ليقول: غنيناكِ، مع سعد وفايزة وديما بصوت عبد الكريم.