… وكيف يأتيك الموت أيها الرجل الطيب الذي يتحدث بعينيه ويسمع بقلبه، ويقرأ كثيراً ويكتب قليلاً، ويرتكب جرم التفكير، ويحتكم إلى العقل، ويحترم القانون وهو معطل، ويؤمن بالدولة وهي غائبة، ويحب الناس ويستمتع بخدمة صاحب الحق منهم؟
كيف يقتحم الموت بيتك الذي اتخذته الطيبة وإرادة الخير سكناً، واعتمده القانون عنواناً… وجعلته رفيقة العمر منتدى أدبياً يلتقي فيه أصحاب الأفكار والآراء والمواهب، وتجلس صامتاً وتتابع مناقشاتهم بعينيك ثم تحكم بعقلك وان منعك التهذيب من استبعاد الطارئ أو المقتحم وتسفيه المدعي؟!
من أين لك كل هذه الدعة، كل هذا التسامح، كل هذه الحكمة، كل هذا النبل أيها البعلبكي الذي نجحت في تصحيح الصورة عن أبناء تلك المنطقة المجهولة بالقصد، المظلومة بالقرار والممنوعة من ان تكون إلا «بلاد الطفار» و«أبطال» الخطف من أجل الفدية، وسلب السيارات من أجل المال، والخروج على الدولة بتحريض من «رجالها»… على حساب أهلها، بكراماتهم واحتياجهم إليها وصدق انتمائهم إلى الوطن الذي لا يعترف بهم.
لقد عز عليّ أن أغيب عن مأتمك لانشغالي بصحتي، ولكن عزائي وعزاء سائر الأصدقاء، وما أكثرهم، أننا نستبقيك في قلوبنا، ونستذكرك دائماً كنموذج لرجل القانون صاحب الضمير،
رحمك الله أيها الذي أفنى حياته حارساً للحق، محارباً الخطأ والخطيئة، وأنشأ ـ مع السيدة زوجته ـ أسرة من الناجحين، وعاش «علامة فارقة» في مواقع عمله كما في علاقاته وكما في بيته الذي كان يعبق بحب الناس من دون غرض ومن دون تمييز.
ورحم الله من تقصد أن يسميك باسمك مخالفاً «القاعدة» وكاسراً للحرم الذي أقامه تجار الطائفية والطوائف.