طلال سلمان

حلف ضد كل العرب!

انكشف المستور، وثبت باليقين ما كان »تقديرا« أو استنتاجا منطقيا يتيحه، بل يفرضه التطور الدراماتيكي للعلاقات الإسرائيلية التركية في اتجاه التحالف الاستراتيجي ضد العرب، ودائما برعاية أميركية ومؤخرا بمشاركة أردنية معلنة.
ولقد أعلنها بنيامين نتنياهو صريحة بل قاطعة في وضوحها: ان العلاقات بين أنقرة وتل أبيب »تصلح أساساً لمحور عسكري يكون إطاراً للأمن الاقليمي في الشرق الأوسط«… أي يصلح طوقاً نارياً لمحاصرة العرب، في سوريا أساساً ومعها لبنان، والعراق، ومن ثم سائر منابع النفط العربي في الجزيرة والخليج.
تأخر الاعلان عن الفعل، كما يتأخر الرعد عن البرق،
فالمحور العسكري قائم، وقد شهدنا أول تطبيقاته العملية في »المناورة البحرية« المشتركة التي حاولوا تمويهها بأهداف إنسانية، كانتشال الغرقى من بواخر تتعرض لكوارث بحرية، والتي استطال مسرح عملياتها بامتداد السواحل السورية اللبنانية الفلسطينية وصولاً إلى تخوم مصر التي سجلت، كالعادة، اعتراضها ثم أسكتتها الضغوط الأميركية.
لا جديد، إذاً، في إعلان نتنياهو عن توطيد رابطة »العداء العنصري« التي تشد النظام التركي الهجين إلى إسرائيل، »العدو القومي« للعرب مجتمعين، والتي تعززت مع اكتساح التطرف سدة السلطة في الدولة العبرية..
ولا جديد في الرعاية الأميركية المباشرة لهذا الحلف المثقل بالعداء للعنصر العربي، وهي رعاية كانت واشنطن قد اختارت إخراجها من عتمة التواطؤ الى حيز الفعل المباشر، فور تخليها عن »رعايتها« لما كان يسمى »العملية السلمية« التي أنتجت بضمانات أميركية صريحة في مؤتمر مدريد.
كذلك لا جديد في التحاق »حارس الحدود« الأردني للكيان الإسرائيلي، حيث بلغ هذا الكيان، بالحلف الجديد الذي يقوم لاستثمار الهزيمة العربية، وحالة الضياع والتفكك التي يعيشها العرب.
إنه مشروع قديم وجد الفرصة لتنفيذه والاعلان عنه في ظل الشلل العام الذي يعيشه العرب، وبغير خشية من رد فعل جدي ومؤثر يمكنه أن يهدد المصالح الأميركية بداية، وأن يلجم الاندفاعة التركية، وأن يخيف النظام الأردني فيمنعه من أن يكون السكين التي تستخدم في اقتطاع اللحم العربي.
سقط الخوف من العرب الذين يأخذهم الخوف الى الانتحار!
وبات مضموناً ان يتقبل العرب هذا الحلف الذي طالما اسقطوا ما يماثله في المهمات القذرة المنوطة به، في الخمسينيات والستينيات (حلف بغداد، حلف الدفاع المشترك، مشروع ايزنهاور الخ…)..
لقد تفرق العرب ايدي سبأ، بعضهم ذهب مستسلماً الى عدوه الاسرائيلي، وبعضهم بات مرتزقاً عنده يعمل لحسابه، وبعضهم مكلف بمهمة »الحراسة«، ولم تبقَ الا قلة صامدة تواصل رفع الراية بأمل ان يعود العرب الى وعيهم، وأن يستفيقوا من غفلتهم وأن يحموا مصيرهم، وليس فقط ارضهم، وربما »عنصرهم« من خطر الاندثار!
الجديد في هذا الحدث القديم يتمثل في مؤتمر »المبادرة الاطلسية الجديدة« الذي سيعقد على مرحلتين؛ أولاهما في اسرائيل والثانية في الاردن، بمشاركة اميركية وتركية، وهي مبادرة يقف خلف المعهد الاميركي الذي نظمها الملياردير اليهودي الاميركي رونالد لاودر، الليكودي حتى العظم وربما اكثر من نتنياهو.
وإذا كان من غير الجديد أن يشارك وزيرا الخارجية الاميركية السابقين (والمعروفين بعدائهما للعرب وحماستهما الفائقة للتوسع الاسرائيلي) هنري كيسنجر وجورج شولتس، ورئيس مجلس النواب الاميركي (الذي يزايد على المذكورين آنفاً في المجالين) نيوت غينغريتش، فإن الجديد ان تشارك (ولا عتب) رئيسة الحكومة البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، والأهم: داعية حقوق الإنسان وبطل الديموقراطية والعنوان المشع للحريات والمثل الاعلى للمثقف الملتزم بالانسان وحقه في تقرير مصيره، الرئيس التشيكي فاتسلاف هافل!
المخزي ان يستخدم طرف عربي برقعاً يستر أو يموّه حقيقة هذا التحالف الذي يتجاوز تضارب المصالح والخصومة السياسية الى العداء العنصري للعرب الذين باتوا أعجز من ان يدفعوا عنهم الأذى حتى وهو يصيبهم في داخل بيوتهم!
لكن ما قيمة الاخلاق عند من يندفع الى التحالف مع العدو ضد أهله، ويتبرع بأن يكون خنجراً في ايديهم لاغتيال احلام أطفاله وحقهم في الحياة؟!
ان سوريا، ومعها لبنان، وسائر رموز الصمود والممانعة العربية في وجه الاحتلال الاسرائيلي ونتائجه (اتفاقات الإذعان) هي الاهداف المباشر لهذا الحلف الذي يكاد يكون بمثابة اعلان حرب.
مع ذلك تبدو القمة العربية مستحيلة، ولعلها غير مجدية.
فهل اقل من لقاء ثلاثي او رباعي او خماسي بين المستهدفين المباشرين بالخطر.
هل اقل من ان تجيء مصر والسعودية الى دمشق (ولبنان فيها) من اجل تعزيز صمود الجميع لخطر يستهدف الجميع.. بما في ذلك هذا الحارس الملكي المنشق في عمان؟!

Exit mobile version