طلال سلمان

جنرالات سمير عطا الله

كل كتابات سمير عطا الله هي محاولات يائسة لاجتراح الرواية أو المسرحية.

إنه، في كل حرف، يحاول الانتقام من الصحافة التي أخذته إلى الخبر، إلى السرعة والاختصار، إلى الالتزام بعدد معين من الكلمات او من السطور وضغط المعنى لكي يتصاغر فتتسع له المساحة المحدودة والمطوقة بالتعليقات السريعة والتحليلات السريعة او بالاعلانات ”المقدسة”.

لذا فهو يحاول الاقتراب من وضعية الرواية، ويحاول تقريب أسلوبه من السرد الروائي للحديث، انه يتحايل على ذاته وعلى مهنته لكي يقترب ما أمكن مما كان يريد أن يكونه قبل”الانحراف” الذي أجبرته عليه حرفة الصحافة.

قبل سنوات باشر سمير عطا الله، فجأة، الكتابة عن ”جنرالات الشرق”.

وقبل شهور صدرت الكتابات التي بدأت متناثرة في ”كتاب” كان ينقصه القليل ليصبح رواية للعلاقة الدرامية بين الغرب والعرب، عبر شخوص اختارها سمير عطا الله الصحافي بعناية، وعبر مرحلة تشبه الجرح المفتوح والمرشح لأن يترك، إذا ما شفي، ندوباً تشكل ملامح مشوهة جديدة في الوجه القديم.

“جنرالات الشرق” الذين اختارهم سمير عطاالله هم: اللنبي، غورو، كاترو، سبيرس، مصطفى كمال، ساراي، ويغان، دنتز، ويغل، المارشال اوكلينك، رومل، مونتغمري، الكسندر، ديغول، وأخيراً الماريشال لابوتيه المغربي.

أما مسرح الرواية فهو العرب الخارجون من الخلافة العثمانية إلى الانتداب الغربي، (فرنسي وبريطاني) والمحطمة أوهامهم (وأحلامهم) في التحالف على صخور الخديعة والمواجهات الدموية ثم الحكم العسكري المباشر حتى جاء بعض الفرج مع الحرب العالمية الثانية.

روائي جيد، ومسرح ممتاز، وأبطال مختارون بعناية، وحقبة غنية وقد انكشف عنها الستر الآن، فبات بالإمكان إعادة تركيب المشهد جميعاً.

وبات بإمكان سمير عطا الله أن يخطف نظرة على كل ما حوله وان يتسلق بأجفانه أعالي البحار، أعالي الصحارى، أعالي اللحظات التاريخية التي حكمت العلاقة العربية  الغربية بالاختلال.

… والفصل الأخير الذي لم يكتبه عطالله يكتبه اليوم جنرالات إسرائيل، وكأنه تتمة لما قبله.

Exit mobile version