استعادت »السفير« طوال يوم الثلاثاء روحها القتالية، كما عند اعتداء إسرائيلي كبير أو عند نصر سياسي عربي مشتهى وعزيز.
كانت قاعات التحرير فوارة بالحركة، والهواتف لا تتوقف عن الرنين، وكان صدى الضحكات يتردد على السلالم، بين الطوابق، وعند المدخل وصولاً الى الشارع القريب.
وكان الزملاء من عجائز المهنة ومن أركان الجريدة يجلسون في الزوايا يتابعون بمزيج من الشغف والشماتة والحسد وتوقع السقوط، تلك الحركة النشطة التي تعصف بالمكان، ويترقبون أن يأخذ التعب بهؤلاء المستجدات على الكار والمدعيات معرفة وعلما وإتقانا، والداخلات معهم في تحدٍّ مكشوف: نقدر بغير مساعدتكم على أداء كل ما تعملون، وننتج جريدة أفضل!
تدريجا ذابت »الأحقاد«، وتراجعت »الغيرة«، واحتل الحرص على النجاح النفوس جميعا: هي »السفير«، وهن الزميلات، والمهنة هي الرابط ومسرح الامتحان.
انقلب الموقف تماما، وتحول المديرون ورؤساء الأقسام والمحررون الى مساعدين للزميلات الممتلئات حماسة، والمتوزعات كأسراب من النحل بين الأرشيف وقاعات الإخراج والتنفيذ والتصوير والصف، في حين كان بعضهن يجلسن الى أجهزة الكومبيوتر ويفتحن »النوافذ« لعلهن يستخلصن من الأنترنت بعض ما يعزز الموضوعات أو يضيف جديدا.
لم يكن امتحانا، كانت فرصة للأداء الكامل.
ولقد ثبت ما كان قبل ذلك تقديرا: الكفاءة هي الكفاءة، فالفاشل أخو رأس الفاشلة، والناجح توأم الناجحة، ولا تلعب الذكورة أو الأنوثة دورا حاسما في هذا المجال.
كانت فرصة لكي تكسب »السفير«، عبر الاكتشاف بالتجربة الحسية المباشرة والمتكاملة، مزيدا من المعرفة بكادراتها الشابة.
ملاحظة: فارق العمر بين الزميلات والزملاء، وهو ملحوظ، يلعب لمصلحتهن، فهن أكثر شبابا (بالإجمال) من منافسيهن الذين يخالط سواد الشعر أو لمعان الصلعة بياض المشيب.
عدد 8 آذار 2000 يشع بهجة وحيوية.
لقد جددت الزميلات شباب »السفير« شكلاً وموضوعاً.
تحية للزميلات جميعا: هنادي وضحى وسعدى ودنيز وضياء وسامية وسحر وحنين وزينب ورشا وزينب وعبير ورانيا وعنان وألين وماغي وعناية وإيمان وفاتن.
ما بعد اليوم سيكون أمام »الزملاء« معيارا ناطقا للقياس: هل ينتجون عددا أكثر إتقاناً من ذلك العدد المعطر في يوم عيد الزميلات اللواتي نسين أن يتعطرن في عيدهن؟!