طلال سلمان

ثلاث قمم في مكة، عربية واسلامية وخليجية … وفلسطين خارجها

ما انشط حكام العرب، ملوكاً وامراء نفط وغاز ورؤساء جمهوريات، (وليس بين الجميع من هو منتخب شرعاً)، لكنهم يلبون النداء عجالى اذا ما جاءتهم الدعوة من أغناهم في الدنيا، واغناهم في الآخرة ـ مجازاً ـ باعتباره خادم الحرمين الشريفين..

لقد أمكنهم خلال ساعات قليلة أن ينجزوا المهمة الخطيرة التي استدعت دعوتهم، على عجل، لمناقشة المخاطر على اغناهم في الدنيا، ملك السعودية ومعه سائر امراء النفط والغاز، والسلطان الفقير قابوس في عُمان والذي لا يسافر بل يوفد عنه وزير خارجيته الذي كان بين ثوار ظفار، ذات يوم، والمعمم بينما سائر “الضيوف” بالكوفية والعقال، او بثياب الاحرام، كما وصل ملك الاردن إلى مكة المكرمة.

كان كل شيء جاهزاً: البيان الختامي الذي يحفظونه عن ظهر قلب، كذلك خطب الترحيب وخطب الشكر، و”الشرهات”، والسحور الشهي والوداع الفخم..

للاعتراض صوت واحد: العراق.. أما الباقون فقد ادانوا التحرشات الايرانية.

..وسوريا مغيبة بالأمر، وليبيا ـ الدولة غائبة عن ..الدنيا.

لم يعترض رئيس الوفد اللبناني، وهو رئيس الحكومة التي يتمثل فيها “حزب الله” بثلاثة وزراء، ولا هو تحفظ، بل مشى في طابور من لبوا النداء عجالي لنجدة المملكة التي يحكمها احفاد “مسيلمة” الذي ادعى النبوة بينما الرسول العربي الكريم محمد بن عبدالله ينشر كلمة الله. فأطلق عليه الناس اللقب الذي عُرف به في ما بعد، “مسيلمة الكذاب” والذي يعتز ال سعود باعتباره جدهم الأعلى، كما كان يقول اللك سلمان بن عبد العزيز، حين كان امير الرياض، في لقاء صحافي محصور، بعد القضاء على انتفاضة “جهيمان العتيبي” الذي احتل الحرم المكي، مع مجموعة من الوهابيين المتشددين لمدة اسبوعين او اكثر.. مما اجبر المملكة على طلب مساعدة فرنسا والاردن اللتين انجدتاها بالقوات الخاصة والطيران.. فتم تدمير الكعبة المشرفة بلا شفقة ولا تورع، ليعاد ترميمها من بعد، وفتحها امام المعتمرين وحجاج بيت الله الحرام.

ما هذه النخوة الملفتة؟ وما هذه الشهامة في تلبية النداء؟ وما اهون أن تتوجه الدول ـ المحميات بالتهديد والوعيد إلى “جارتهم” الكبرى ايران بان تكف عن تهديد جيرانها من الدول العربية والا…

خلال اربع وعشرين ساعة، فقط لا غير، انجز “القادة العرب” اعمالهم في ثلاث قمم متعاقبة.. بينما فلسطين تستطيع أن تنتظر عاماً آخر او سنوات أخرى طويلة تضاف إلى السبعين سنة التي انصرمت على اقامة الكيان الاسرائيلي بالقوة على ارض فلسطين، بينما العرب ينشدون، من دون أن يتحركوا ” يا فلسطين جينالك جينا وجينا جينالك.. جينالك لنشيل احمالك”..


لا وقت لفلسطين الآن، التي كانت شعارات تحريرها تملأ شوارع طهران وسائر المدن، مع تفجر الثورة في ايران بقيادة الامام الخميني في اوائل العام 1979..

لا وقت لفلسطين الآن، وقد طردت ثورة الامام الخميني السفير الاسرائيلي فيها ومعه 500 موظف دبلوماسي، و500 خبير اسرائيلي في الزراعة!! وسلمت مبنى السفارة في طهران إلى منظمة التحرير الفلسطينية ليكون سفارة فلسطين ..

اما اليوم فان ايران هي الدولة الوحيدة التي يثار في وجهها الاتهام، بانها تسلح ثوار الانتفاضة في غزة، ومن طلب السلاح من اهل فلسطين عموماً..

بالمقابل فان دولاً عربية عدة قد اعترفت بالكيان الصهيوني في فلسطين، واقامت علاقات دبلوماسية مع تل ابيب بعد مصالحتها على دماء الشهداء ممن قضوا في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي: في فلسطين ذاتها، ثم في مصر في (1948) ثم في العدوان الثلاثي في العام 1956، ثم في الحرب الاسرائيلية على مصر وسوريا في العام 1967، وصولاً إلى حرب اكتوبر- تشرين الاول 1973، والتي كان مقدراً أن ينتصر فيها العرب لولا بعض ضروب الخيانة التي باتت الآن معروفة.

لا تقصد هذه الكلمات الدفاع عن ايران، فلسنا في موقع المحامي عنها، ولكننا في موقع الاتهام للدول المتخاذلة في مواجهة العدو، والتي اعترف بها بعضها فعليا وبعضها “دي فكتو” أي عملياً..

يكفي أن نذكر اصحاب الدعوة إلى القمم الثلاث، وفي مكة المكرمة بالذات، إلى اننا لم نرَ مثل هذه الهمة العالية والتلبية الفورية، بينما كان العدو الاسرائيلي يدك بطيرانه الحربي ومدفعيته ودباباته والصواريخ المدن والقرى والبلدات والجسور والحصون في لبنان، ابان حرب تموز ( 12 تموز ـ 14 اب 2006)..

وها نحن نذكر مدركين سلفا أن التذكير ينفع المؤمنين … وهم ليسوا مدعوين إلى هذه القمم الثلاث التي “تنسى” العدو القومي (اسرائيل) وتشن حرباً شنيعة على ايران، يشارك فيها رئيس حكومة لبنان، سعد الحريري، الذي يبدو انه نسي او رغب في أن يتناسى أن في حكومته ثلاثة وزراء يمثلون “حزب الله”..

ونسي ايضا ما لم تنسه اسرائيل حين نشرت في توقيت مختار ليوافق انعقاد القمم العربية والاسلامية، ما ادعت انها قواعد صواريخ لـ”حزب الله” داخل الارض المحتلة، لتقول لقمم العرب، وفيها رئيس حكومة لبنان: هذا هو عدوكم، فلا تضيعوا عنه!

Exit mobile version