طلال سلمان

تحقق الحلم: شعبنا واحد!

..وأخيرا تحققت أحلام جيلي وأجيال المستقبل: رأيت بأم العين الشعب في بلادي واحداً موحداً، يكسر قيود الحجر الطائفي والمذهبي ويدوس على العصبيات المناطقية والحساسيات الجهوية وينتصب واحداً موحداً في وجه الظلم والظلام والتحكم بالقرار الوطني.

أُسقطت الطبقة الحاكمة وشركاؤها من اصحاب المال المنهوب والامتيازات الموزعة على اهل النظام واتباعهم،

أسقط الجمهور النفوذ الاجنبي والحاكمين بقوة دعم السفارات والمرجعيات البعيدة.

أُفرغت السرايات والمجالس من شاغليها اصحاب الدولة والمعالي وهرب شاغلوها من مواجهة الشعب الذي يدعون تمثيله زوراً وتعبيرال عنه نفاقاً.

مشت الجماهير فوق صورهم وأسمائهم، مستعيدة اعتبارها وحقها في الرأي والقول والعمل، وانتعشت وهي تشعر انها قد استعادت هويتها وقدرتها على الفعل.

من أدنى البلاد إلى اقصاها استعاد الناس اسماءهم وكرامتهم وثقتهم بأن لبنان هو وطنهم، وانهم اهله وأسياد مصيره، وان حكامهم والمتحكمين بهم يحاولون سرقته منهم فضلاً عن انهم يسرقونهم فيه، بدولته وقدراته، بثرواته الظاهر منه والمدفون في باطن الارض. بل انهم يسرقون البحر بكل ما يختزن من ثروات، بعدما سرقوا البر وأهله واستبعدوهم.


أخيراً تحققت بعض احلامي السنية، ووجدت الشعب، شعبي، وقد تخطى الغام الطائفية والحواجز المكهربة بالمذهبية وقد انتبه إلى انه واحد: واحد في مطالبه كما في مطامحه، في آماله واحلامه كما في همومه سواء اليومية او المصيرية.

انتبه الشعب إلى وحدته كما إلى الذين يعملون على تمزيقها بالطائفية والمذهبية والجهوية، لكي يسيطروا عليه كله، وينهبون ثرواته جميعاً، ويخضعونه للنفوذ الاجنبي ويسعون لإهدار اعتزازه بشهداء جهاده لتحرير ارضه وحماية كرامته الوطنية.


انتبه “الشعب” إلى انه كان واحداً فقسموه ليركبوه بذريعة التمثيل المذهبي والطوائفي، وانه كان يحاول التقدم بالعلم والخبرات فصادروا مستقبله.

أذلوه بإجبار ابنائه وبناته على الوقوف أمام ابوابهم صاغرين، مكسوري الجناح لأنهم يريدون وظيفة ما، سواء أكانت مرتبة مدير عام في الدولة، او الترفيع إلى رئاسة الدائرة، او الدخول في سلك الجيش او الشرطة ولو برتبة “دركي” او “حاجب”.

انتبه الشعب إلى “انهم” قضوا على الزراعة ليشجعوا الاستيراد الذي يمنحهم ارباحاً أعلى، والى انهم دمروا الصناعة الوطنية الناشئة ليجبروا اللبنانيين على التباهي بالمصنعات الاجنبية، بدءاً بالفواكه والورود وصولاً إلى المائتي صنف من الاجبان.

ثم انهم اخرجوا السكة الحديد إلى “التقاعد المبكر” بينما دول العالم تزيد من اعتمادها عليها لانها الارخص ثمناً والأقل كلفة، والخطوط الرابطة بين انحاء البلاد جميعاً: من بيروت إلى اقصى الجنوب، ومن بيروت إلى اقصى الشمال ومن ثم إلى سوريا فتركيا فأوروبا بدولها المختلفة، ومن بيروت إلى دمشق فإلى سوريا والاردن والعراق واقطار شبه الجزيرة..

لكن وراء التعطيل كانت مصالح اولئك الذين لا يشبعون: أباحوا سرقة حديد السكة، واقتلعوها في مواقع كثيرة ليستعيدوا الارض التي كانوا باعوها الى الدولة وقبضوا ثمنها، ليبنوا عليها ـ من جديد ـ العمارات والبيوت، اما تلك المحاذية للشاطئ فقد أنشأوا فوقها المسابح الفخمة وغالية الرسوم.. أي انهم سرقوا ارض الدولة (الناس) ليستثمروها غصبا في عملية سرقة علنية لأموال الشعب..

باختصار: اننا محكومون بعصابات من الفاسدين، السارقين، حرامية المال العام، الذين ينهبون مدخراتنا وثروات بلادنا، ويهددون شبابنا واجيالنا الآتية بالتهجير القسري “إلى حيث القت رحلها ام قشعم”..

لا حل الا برحيلهم. والشعب هو وحده السيد، سيد القرار والمصير..

Exit mobile version