طلال سلمان

بيروت… وطلال سلمان

لا زالت بيروت بالنسبة لك تحمل وجدانا عشته في زمن الصحو العربي.

لا زالت بيروت بالنسبة لك تحمل لك ذكرى ايام مضيئة في تاريخنا العربي، رغم الحروب التي شهدتها.

بيروت كانت تضيء عالمنا العربي الممتد من المحيط الى الخليج..

كنت تجد فيها عروبتك… حلمك بالوحدة العربية.. حلمك بفلسطين.. حلمك الشخصي بان تصبح صحفيا محترفا مثل صحافييها الكبار.

بيروت لازلت تتوق اليها لأنها ما زالت تسكن وجدانك في عشقها الخاص.. فتتردد عليها بين حين واخر مفكرا بالهجرة اليها ولكنك ترى “العتم” اصبح يعشش في قلوب اهلها..

“عتم” لم تشهده بيروت حتى في سنوات احتدام “حروب الاخرين على ارضها”.

ولكنك تأتيها بكل الشوق لتعيش الامل عند بعض اهلها.. الامل بعودة الاضواء اليها التي اختطفتها منها “مدن الملح” الممتدة على سوحل خليج النفط.

تأتي بين حين واخر الى بيروت التي كانت “ست الدنيا” فتجد انه لم يبق لك فيها سوى بعض زملاء المهنة الذين اجبرهم “القهر” على التقاعد ـ رغم ان الصحفي لا يتقاعد الا حين يجف قلمه ـ فتلتقي معهم على فنجان قهوة في احد مقاهي شارع الحمراء تواسيهم ويواسونك.

لا تجد في بيروت جلسات السهر والطرب التي تعودتها مع كبار اهل مهنتك، قبل سنوات طويلة… لم يعد في بيروت هناك كبار لا في عالم الصحافة ولافي عالم السياسة ولا حتى في عالم المال والاعمال.

ولا يبقى سوى ان تمر ـ كما تعودت في كل زيارة الى بيروت ـ على من تبقى من كبار اهل الصحافة وهما الصديقان التاريخيان طلال سلمان ورياض نجيب الريس.

تدخل عند طلال سلمان في مكتبه فتجده كما هي عادته من سنوات طويلة يجلس بكامل اناقته وراء مكتبه وبيده قلمه ووريقات بيضاء يسجل فيها مشاعر مراراته من هذا الزمن الرديء.

المكتب والصالون الملحق به والمليء بلوحات العز والكرامة (العديد منها للفنان الراحل ناجي العلي) يشهد على تاريخ احببناه بأحلامه وخيباته.

طلال سلمان.. اعلم كم انت متألم لقرارك الذي اضطررت اليه بوقف “السفير”..

ولكن يجب ان لا تتوقف عن اضاءة “عتم” بيروت و”عتم” عالمنا العربي حتى ولو بصفحتك الشخصية، لتستمر بفعلك التنويري ان لم نقل التحريضي… لأن شباب هذا الجيل يحتاجون الى من ينشر لهم النور في عالمهم الذي ملأه عتما وظلما حكام الطوائف.

محتاج شبابنا ان يعرفوا اكثر عن عروبتهم وعروبتنا التي اضاعها من رفعوا شعار “الاسلام هو الحل”..

شبابنا محتاجون يا طلال الى من يروي لهم كيف كانت بيروت ملجأ لكل العرب حتى عرب الخليج الذين كان حلمهم زيارتها.

طلال.. كنت تحثنا على عدم اضاعة الحلم.. حلمنا العربي.. حلمنا بعروبة عشناها ايام كنا ننشد “فلتحيا الجزائر”.

وشبابنا لازالوا بحاجة اليك لأنك احد القلائل الباقين من الشهود على تاريخنا الذي احببناه بانتصاراته وخيباته.

طلال سلمان واصل الكتابة، واصل الظهور الاعلامي، حتى لا تترك الساحة لهؤلاء الساسة “الصغار” الذين اعتقدوا انهم ورثوا الزعامة، والزعامة لا تورث، فظنوا انفسهم كبارا وهم يتحكمون في البلد فينشرون “العتم” فيه.

طلال لتبقي وهجك العروبي والوحدوي الذي تعودناه لعله يساهم في اضاءة ظلام حالنا واضاءة “عتم” بيروت…

ملاحظة: شكراً أخي سليمان النمر.. وها هو رفيقنا الثالث، الأغا مروان مهايني يمضغ ذكريات الزمن الجميل، فلا ينساه ولا يتركنا ـ وأنت معه ـ ننساه. وسنبقى نعيش حلمنا الجديد الذي اعطيناه أعمارنا، ولا نظنها ذهبت سدىً. مع امتناني وتقديري.

طلال..

Exit mobile version