طلال سلمان

بهجة بيروت… ورياض نجيب الريس

“بهجة الدنيا ” كانت بيروت.. ومبعث الفرح كانت..

من اجل ذلك جاء اليها صديقك الدمشقي رياض نجيب الريس ليعشقها ويعشق “بهجة الحياة” فيها.. فأصبح أحد عناوين صحافتها حين كان للصحافة وهج وعز.

وحين اشتدت حروب الاخرين في بيروت تركها رياض نجيب الريس على امل العودة اليها حين تستعيد فرحها.
واخذ معه من بيروت “بهجة الحياة” وذهب بها الى لندن حيث عرفته هناك، فأصبح صديق العمر وليس فقط مجرد زميل جمعنا استاذنا الكبير المرحوم نبيل خوري في مجلته “المستقبل” التي كانت ملتقى ومنبر كل الكبار من الصحفيين والكتاب والادباء العرب.

في لندن تعلمت من رياض نجيب الريس كيف تسبر اغوار الخليج العربي وكيف تبحر وسط امواج تناقضات قبائله وحكامه… لأن رياض كان من اوائل الصحافيين الذين اكتشفوا صحفيا الخليج وعالمه وكتبوا عنه.

في لندن تعلمت من رياض نجيب الريس كيف تحب الحياة وتعيش بهجتها، وانت الذي كنت تحمل هموم عالمك العربي وتعيش مشاكله بمشواريك المتعدة الى لندن في الايام التي كانت فيه عاصمة الضباب “مربط خيلنا” ترافقت مع رياض نجيب الريس في مطاعمها ونواديها عدا في مكتبه ومكتبته التي كانت اول مكتبة عربية هناك، مثلما كانت جريدته “المنار” اول صحيفة عربية مهاجرة.

والاهم انه في لندن كان اللقاء، كل يوم أحد في بيت رياض اللندني في “فولام رود” مع الاصدقاء من زملاء المهنة، حيث كان يجمعنا للقاء والغداء.

وعاد رياض الى بيروت بعد انتهاء الحرب فيها ليعيش عودة الحياة والفرح اليها.

عاد ومعه دار نشره “دار رياض نجيب الريس للنشر”.. ليستعيد فيها ايام الفرح والبهجة.

عاد وعادت معه طريقته في في عيش الحياة وبهجتها.

وعدت انت لزياراتك المتكررة الى بيروت لتزور صديقك رياض وتلتقي معه باستاذك الكبير المرحوم نبيل خوري وتعيش معهما ومعنا الاصدقاء بهجة الحياة في مطاعمها وفي سهراتها الليلية حيث الطرب قبل الدلع.

كان الرئيس المرحوم رفيق الحريري يعمل لاعادة اعمار ماهدمته حروب الاخرين على ارض لبنان فبدأت بيروت تستعيد بهجتها قبل عافيتها.

وكان رياض نجيب الريس لوحده بالنسبة لك فرحا بيروتيا فتأتي اليه الى بيروت لتتذكر معه مغامراتكما الصحفية في دول الخليج التي كانت مستعدة ان تعطي لبيروت نفطها مقابل ان يتعلموا منها حب الحياة ويعيشوا فيها بهجة الدنيا.

واصبحت بيروت بالنسبة لك ـ بعد ان فقدت معظم اصدقائك الكبار فيها ـ طلال سلمان الذي يذكرك بأيام العز والحلم.. يذكرك بأيام بيروت حين كانت تضيء عالمنا الممتد من المحيط الى الخليج.

واصبحت بيروت بالنسبة لك رياض نجيب الريس الذي عشت معه ايام الفرح والبهجة في بيروت.

وبرغم مرضه الذي يحاول ان “يهده” الا أنك عندما تأتي الى بيروت تغتنم ساعات لتعيش مع رياض نجيب الريس بقايا فرح قديم، وبهجة اصبحت مفقودة هذه الايام في بيروت حيث يتسيد الساسة “الاولاد” مصيرها وينشر الطائفيون “العتم” فيها.

رياض نجيب الريس ليطيل الله عمرك لتبقى شاهدا على ايام الفرح والبهجة في بيروت.. مثلما انا شاهد على ايام حين كنت تكتب فيها مقالا يهتز له حكام الخليج.

طلال سلمان ليطيل الله عمرك ليبقى قلمك ينير لنا عتم بيروت وعتم عالمنا العربي الذي ضاع يوم اضاع حكامه من امراء الطوائف هويتهم العربية.

ليطيل الله عمركما حتى يبقى لي شيء احبه في بيروت.

Exit mobile version