نجح بشارة مرهج في اختراق الحواجز، فإذا بالمناضل المتحدّر من حزب البعث الاشــتراكي يحافظ على توازنه، وطنياً وقومياً، وهو يتقدم في قلب النظام السيـــاسي اللبناني الذي كان لا يقبل مـــثله، فيصير نائباً عن بــــيروت ثم وزيراً للداخلية في بعض أدق الظروف وأحرجها.
ولأنه متوازن في خطابه استطاع أن ينشئ شبكة أمان داخلية وعربية وسّعت أمامه هامش الحركة، خصوصاً أن صديق عمره ورفيق نضاله معن بشور تولى عمليات الاقتحام وإزالة الألغام من الطريق… فإذا «تجمع اللجان والروابط» يغدو بقوة حزب وإن ظل أكثر فعالية من تنظيم جهوي، مؤكداً حضوره في مختلف المناسبات القومية من فلسطين إلى الوحدة العــربية وبالعكس.. أما مرهج فظل يؤكد البديهيات في العلاقات العربية الأخوية، فلا ينقطع عن زيارة دمشق خوفاً من غضب الذين غادروها بعد طول انتفاع.
بشارة مرهج يخوض الانتخابات النيابية مرة أخرى،
ومرة أخرى تفرض التقسيمات العجائبية وظروف التركيب الغرائبي للوائح أن يخوض بشارة مرهج المعركة الانتخابية في مواجهة حليف مفترض له رصيده هو الآخر في حماية بيروت وفي توكيد عروبتها.
وإذا كان من سوء حظ بيروت أن مقــاعدها النيابية لا تتسع لبشارة مرهج ونجاح واكيم معاً، فلسوف يكون من سوء حظ الناخبين ألا ينجـــحوا في إيصال أحدهما إلى هذا المجلس الجديد الذي استولدته الأغراض الــــطوائفية والتي حكمت لوائحه الحمى المذهبية وسوف تحكم نتائج انتـــخاباته استحالة تجسيده لأي نوع من الديموقراطية… فالـــطائفية والديموقراطية لا تلتقيان بل تلغي إحداهما الأخرى.
مع ذلك يواصل بشارة مرهج محاولاته لاختراق الحواجز بإصرار ينبع من إيمانه بعروبته.