طلال سلمان

انطفاء المشعل: رشيد الجمالي

يموت بعض ما يجعلنا نحب الحياة مع رحيل اصدقاء العمر الذين طالما شكلوا شركاء الفرح والملجأ من الاحزان وبيت السر لأحبائهم واقرانهم.

ولقد فقدنا مع طرابلس وبعدها رشيد الجمالي أحد انشط وجوهها الثقافية واحد أبرز من ربط لها علاقات ودية مع محيطها، متجاوزاً الآثار المدمرة لعهد الحرب الاهلية ـ العربية ـ الدولية التي كادت تدمر كل ما هو جميل وحميم من العلاقات الانسانية.

رشيد الجمالي كان بيت الثقافة وناديها في طرابلس، وحبة العقد بين زعاماتها وهيئاتها الاجتماعية وضابط الارتباط مع بيروت كما مع سائر انحاء لبنان عامة والشمال خاصة.

ابتعد رشيد الجمالي عن الخصومات وسعى جهده إلى تعزيز روابط الود بين المختلفين، ونجح في اقامة منتدى ثقافي ظل فوق الخصومات والاحقاد، يستقبل جميع المؤمنين بالكلمة مقدسي الفكر وحراس الحرية.

وكان رشيد الجمالي من الاصدقاء والخلص لـ”السفير” وأهلها، يحدب على رعايتها في أيام الطرق المقفلة بالبنادق ويخصها بالتكريم تقديراً لدورها الوطني ورسالتها القومية.

لقد خسرت طرابلس والثقافة في لبنان وجها مضيئاً من وجوه العمل الفكري وناشطاً بل محركاً لا يهدأ يقارع الفراغ والتباعد إلى حد القطيعة بين ابناء الوطن الواحد، بل حتى الحي الواحد، وخريجي المدرسة الفكرية الواحدة، حتى أنهكه النضال فعاد إلى ربه راضياً مرضياً.

رحم الله هذه القامة الثقافية المميزة، رشيد الجمالي، وعوض طرابلس وعوضنا من يكمل الرسالة ويمنع اطفاء المشعل.

Exit mobile version