طلال سلمان

الياس الهراوي… مؤرّخاً!

عند باب القاعة المزدحمة بالكراسي المرصوصة لاستقبال الآتين الى احتفال التوقيع، وقفنا مجموعة من »شهود الحال« نحاول التمييز بين من جاء للسلام على الياس الهراوي، الرئيس الراوية الآن، ومن جاء حتى لا يغيب، ومن جاء ليطمئن الى ان الكتاب الذي يؤرخ لمرحلة دقيقة وحساسة جداً لم يكشف المخبوء كله، وإن كان أشار أو لمّح أو أومأ تاركاً »للقارئ« والقرّاء درجات ان يستنتج ويستخلص أو ان يذهب مع خياله الى حيث يرغب.
الكل يعرف ان ذاكرة الياس الهراوي خطيرة، وأن لسانه »فالت«، وانه يعرف كيف يقرأ التصرفات، ويعرف كيف يكتب ما لا يقال، وانه يعرف »ما وراء الأكمة« كما يعرف »من أين تؤكل الكتف« ومن هم الفائزون في سباق أكل الكتف، قبل عهده وخلاله وبعده…
جاء حلفاء سابقون وخصوم سابقون، وجاء حاسدون كما جاء »الأنصار« الذين والوه بعد تردد طويل… وتبادل الجميع نظرات تتقافز بينها الأرانب والتماسيح.
احتشد في الحفل ساسة محترفون وطارئون على السياسة، رجال أعمال وسماسرة، بعض أركان عهد الهراوي الذي استطال متجاوزاً المدة الدستورية موفراً مزيداً من الفرص لمن ضاقت به السنوات الست الأولى.
كانت زحلة حاضرة عبر المناصرين الذين كانوا معه من قبل الرئاسة، حاولوا بإلحاح حتى اتسعت »جارة الوادي« ل»حوش الأمراء«.
قام الزميل الكبير غسان تويني بدور المضيف، باسم »دار النهار للنشر«، في حين كان على الزميل كميل منسى ان يهتم أولاً بقرّاء الطبعة الفرنسية… فالياس الهراوي سيُقرأ بأكثر من لغة، الا… لغته الزحلاوية.
ولأن نظام لبنان يقوم على قاعدة »مجلس الوزراء« مجتمعاً فإن مذكرات الياس الهراوي ستظل ناقصة بروايتها الكاملة لتاريخ هذه الحقبة حتى يكتب آخرون الفصول المكملة وبينهم حسين الحسيني وعمر كرامي ونبيه بري ورفيق الحريري. ولا سيما رفيق الحريري الذي تستحق علاقته بشريك السبع سنوات ان يكتبها مؤلف مسرحي مبدع في السرد الروائي الدرامي للمآسي الهزلية في بعض جوانبها والكوميدية في جوانب أخرى الى حدود البكاء.
وهي شجاعة من الياس الهراوي ان يؤرخ لعهده، فقد بات لدى الناس ما يرجعون اليه حول هذه الحقبة التي بدلت في لبنان أكثر مما بدلت في اللبنانيين.

Exit mobile version