طلال سلمان

المساعدات لمن يحتاجها: الوزارة اولاً.. ثم النازحون!

لا يحتاج تفوق اللبنانيين من اهل السياسة والتجارة والاقتصاد، وكلهم واحد، في “الشطارة” على خلق الله اجمعين، إلى دليل..

انهم تجار الازمات في الداخل، سياسية واقتصادية وطائفية ومذهبية وعرقية؟؟

كذلك فهم تجار الازمات في المحيط العربي، قومية وكيانية، من اقباط مصر إلى السريان في العراق، ولا بأس أن يضموا إليهم الصابئة والنسطوريين والكلدان وعبدة الهي الخير والشر معاً باعتبارهما واحداً.

ضمن هذا السياق تشكل الاقليات الدينية والمذهبية والقومية استثماراً ناجحاً في الكيان الذي يفاخر بأنه “وطن الاقليات” وممثلهم الشرعي الوحيد في العالم، وان خرج عليه اليهود ـ الغربيون اساساً ـ الذين وجدوا من يغريهم بفكرة “الوطن القومي لليهود” واستعادة امجاد “اسرائيل” القديمة على ارض فلسطين التي لم تكن في أي يوم دولتهم وان عاشوا ـ قبل التاريخ ـ في بعض نواحيها وجعلوا من بعض قصباتها ممالك من ورق وأساطير مسلية..

ولقد استثمر اهل الشطارة من اللبنانيين النكبة الفلسطينية في مختلف مراحلها بين اللجوء في قلب عواصف المطر والبؤس والشقاء إلى الثورة الفلسطينية في قلب البحبوحة في السلاح والمال والنفوذ بفضل قداسة القضية، حتى كان ما كان: الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982 واخراج ما تبقى من الثورة والثوار إلى المنافي من جديد.

حان الآن وقت استثمار ازمة النازحين السوريين، نتيجة الحرب في سوريا وعليها، والذين قد تتجاوز اعدادهم ـ بالرجال والنساء والاطفال ثم الاطفال ثم الاطفال ـ المليوني بني آدم..

وانه لاستثمار مجز… فالأزمة اتخذت الطابع الدولي، متجاوزة اطارها الوطني ومحيطها العربي.

وبرغم أن العالم، والغرب منه خاصة، بلا قلب، الا أن الخوف من هذه الموجة العالية من النازحين قد الزمه بردها، ولو دفع الثمن ثلاثين من الفضة..

…وانتبه تجار الحروب ومستثمرو النكبات وآلام الآخرين من المسؤولين في لبنان إلى أن ازمة النازحين يمكن أن تدر ذهباً، الكثير من الذهب..

وهكذا تجاوزوا المؤسسات الدولية والاقليمية وسائر منظمات الاغاثة وقرروا انشاء وزارة “تهتم” بشؤون النازحين الغارقين في وحول مخيماتهم، ايام الثلج، وتحت الشمس الحارقة بقية ايام السنة..

… والوزارة الجديدة معطاء: هي استثمار بلا رأس مال..

المال يأتي من الخارج، والداخل هو العليم بكيفية انفاقه:

تؤخذ ـ بداية ـ حصة وازنة لموازنة الوزارة الجديدة، بولي الامر الذي ابتدعها، ثم الوزير المكلف بإدارتها، ولا ادارة، ثم بتكاليف التوظيف والنقل واستلام المساعدات وتوزيعها على المستحقين..

ولان القرارات في الوزارة التي انشئت على عجل، استنسابية فليس اسهل من توزيع المساعدات والاعانات والهبات، نقدية كانت او عينية: الاقرب فالقريب ثم البعيد فالأبعد..

ولان “الاقربين” هم الاولى والاحق بالمساعدة فان القسمة سهلة جداً: هذه لي، وهذه لي، وهذه لي، وهذه لك، وهذه له، وما قد يتبقى للنازحين، الذين لن تزداد احوالهم بؤساً اذا لم تصلهم المساعدات المقررة، او وصلتهم منقوصة.. فهم لا يعرفون اصلاً مقدارها، ثم: بأي حق يسألون؟! انهم خارجون على بلادهم ومنها، وقد تكون تجمعاتهم بؤراً لتفريخ الارهابيين؟ ثم، من قال أن لبنان الذي يضيق بشعبه قادر على تحمل كلفة ايوائهم ومعيشتهم، حتى لو كان رجالهم يعملون في مختلف المهن؟!

اذن فلتقسم المساعدات: يأخذ اللبنانيون، وزارة وإدارة، ومصاريف ادامة واغاثة وتوزيع وتنقل، وما تبقى ـ اذا ما تبقى شيء ـ يصرف على هؤلاء الخارجين من بلادهم وعليها، فكيف يمكن الاطمئنان إلى ولائهم لبلاد الآخرين.. حتى لو كانوا ـ نظرياً ـ اشقاء؟!

Exit mobile version