طلال سلمان

المدرسة الرسمية والجامعة الوطنية وحروب “الدكاكين” و”الخارج” عليها

كان يا ما كان في قديم الزمان: المدرسة الرسمية تقتحم مجال التعليم في بيروت كما في مختلف المناطق بكفاءة وجدارة، فتعلم أولاد الفقراء والمعوزين والذين لا يملكون غير عرق الجباه، وتغنيهم عن المدارس الخاصة ومدارس البعثات الأجنبية أو الطائفية، وتنشئهم في مناخ وطني يوحدهم خلف آمالهم في مستقبل أفضل..

كذلك فقد حققت الجامعة الوطنية، بعد إنشائها ورعايتها نتائج طيبة، وباشرت هيئتها التعليمية اختيار الكفاءات للتدريس، فأخذ عدد طلابها يتزايد واثقاً أن هذه الجامعة سوف تفتح له الطريق إلى المستقبل الأفضل.

ولقد قام الاتحاد الوطني لطلبة لبنان كحارس لدور الجامعة ولمستواها، حتى اذا تم تفجير الحرب الأهلية اندثر هذا الاتحاد، وأصاب تفكك الدولة المؤسسات جميعاً، ومن بينها هذه الجامعة بأضرار فادحة. ومع ذلك فقد ناضلت الهيئة التعليمية والطلاب للحفاظ على هذه المؤسسة الوطنية الفقيرة بموازنتها والمحاصرة بالتأثير السياسي على دورها المميز في خدمة مجتمعها.

اليوم، يعتز بعض الشوفينيين بأن في لبنان أكثر من خمسين جامعة خاصة، مستوى بعضها متدنٍ بصورة فاضحة حتى ليمكن اعتبارها “دكاكين” حصلت على تراخيصها برعاية نفوذ سياسي، محلي أو أجنبي، وتستقبل غالباً من لا تقبلهم الجامعات المحترمة، ويدرس فيها ـ بالتهريب ـ اساتذة من هب ودب، وبعض الأساتذة في الجامعة اللبنانية، سراً..

كذلك أساءت المداخلات السياسية المموهة بالطائفية إلى مستوى الجامعة في بعض كلياتها، كما إلى رئاستها وادارات فروعها، وطلابها بطبيعة الحال.

أما المدرسة الرسمية فقد شنت عليها حروب متعددة، طائفية ومذهبية وجهوية، وبرغم كل هذه الحروب فهي ما تزال، حتى اليوم، تحتل مراكز الصدارة في نتائج الامتحانات الرسمية (وامتحانات هذه السنة شاهد صادق..)

لكأنما يراد خصخصة كل المؤسسات الرسمية، حتى أن كل ما هو وطني عام يبدو مهدداً لحساب دكاكين المدارس الخاصة والجامعات الخاصة… وفي أحسن الأحوال لحساب الجامعات الأجنبية..

ومن هنا نرى زحف أجيالنا الجديدة في اتجاه المطار مع نهاية كل سنة مدرسية.. لتعذر متابعة الدراسات في الجامعات الأجنبية والخوف من عدم قبول شهادة الجامعة الوطنية كمدخل إلى الوظيفة.. التي تليق بهم.

Exit mobile version