اكتشف اللبنانيون ”رمضان”!
فجأة انتبهوا إلى أن لشهر الصوم والعبادة تقاليد ”مدنية” واجتماعية تتعدى نطاق البيوت واللقاءات العائلية والإقبال على الإحسان والزكاة وفعل الخير وإغاثة الملهوف وإعانة المعوز والأخذ بيد المسكين والامتناع عن قهر اليتيم!
فجأة اكتشفوا أن رمضان يسمح بوجبتين، وليس بواحدة فقط، فهناك السحور إضافة الى الإفطار، وكما أن الافطار مناسبة اجتماعية فالسحور كذلك بل ان له جوه الظريف والمميز،
يمكن أن يكون السحور”مموسقاً”، فالطرب يزيد من إقبال الناس على التبرع والعطاء، خصوصا لمن يطلب الوجاهة وتثبيت الزعامة بأموال الآخرين.
وإذا كان الزعماء يستهلكون النهارات فإن على زوجاتهم اللواتي يكشفن عن عبقريات كامنة أن يفيدوا من الليل بحيث لا تبقى للمواطن فسحة للتنفس..
ثم ان السحور يسمح، إذا ما استكملت عدته، بتحويل رمضان الى شهر من الأفراح والليالي الملاح: خيمة واسعة الجنبات، وحكواتية، وشيشة ومرطبات وجوائز وأركان للشخصيات الشعبية والمآكل الشعبية من”الكشري” والفول المدمس الى المناقيش على الصاج والحلويات… وكل ذلك في إطار الأمكنة ذات الرنين التاريخي المستوردة أسماؤها من بعض الأحياء الشعبية في القاهرة.
كل ذلك طيب لو أنه يتعدى نطاق التقليد في الشكل،
فمن حق الناس أن يسهروا وأن يستمتعوا بأوقاتهم،
لكن مرض”المظهرية” المستشري في لبنان يكاد يفسد كل شيء، بما في ذلك المتع الصغيرة.
لا يحتاج”الكشري” الى هاتف خليوي، ولا تنسجم”أم علي” كثيرا مع”الشيروكي”، ولا تفرض ذكرى عزيزة كتدخين الشيشة في خيمة إلى كاميرا فيديو لتسجيل المناسبة الخالدة.
والأهم: ألا يترك لنا زعماؤنا سهرة رمضانية بغير إفساد؟!
ورمضان كريم جداً في بيروت لا سيما على الذين لم يصوموا أبداً!