طلال سلمان

الكورونا: تعاطفوا تصحوا..

مع انتشار وباء كورونا، تأكدت مجموعة من الحقائق المنسية، بينها:

  1. إن الانسان الجبار بعلمه وكفاءاته وتجاربه عبر حياته “أوهى” مما يظن وأضعف مما يتصور، وان جرثومة خفية تتسلل إلى بعض انحاء جسده يمكن أن تحمل اليه وباء مجهول المصدر ومجهول العلاج… وهكذا يتحول جسده إلى مختبر، بل إلى حقل تجارب.. وقد يتوجب عليه أن يذهب إلى الطبيب الذي يحمله إلى المستشفى، ويحجر عليه فيه.
  2. بالمقابل فإن العقل الانساني لا يفتأ يضخ المزيد من العلوم، ويطور اسباب العلاج، ويزيد من انماط الوقاية، حتى يصل إلى أصل العلة فيبدع الدواء المناسب ووسائل الوقاية.

الانسان بعقله، والعقل مبدع، يدرس الحالات ويستنتج ـ بالتجربة ـ اسباب العلاج. قد يجرب فيخفق مرة ومرتين وثلاثاً، لكنه يصر على متابعة تجاربه، وقد يدفع بعض العلماء حياتهم على طريق اكتشاف طبيعة الداء واسباب علاجه ووسائل الوقاية، وحصر العدوى والحد من انتشاره.

  1. مع انتشار اخبار الوباء نما في النفوس، مع الخوف، الشعور بوحدة المصير، ومن هنا فقد تعاظم التعاطف وتعددت اشكال التضامن من في مواجهة هذا “العدو” الخطير الوافد الذي لا يرى الا إذا اصيب به ضحيته واقتيد إلى الحجر الصحي في المستشفى.
  2. تهاوت الدول فاذا كبرياتها كأصغرها، واذا هذا الفيروس القاتل (أن لم تتم المعالجة فورا) أسرع من الطائرة النفاثة والصاروخ عابر القارات، مع انه يشابهه في اختراق الاجواء، ولكنه يمتاز عليه باقتحام الاصحاء بجراثيمه وانتشاره بسرعة قياسية بين الناس في مختلف البلدان.
  3. وحدَّ الوباء بين الناس على اختلاف هوياتهم واختلاف ألوان البشرة، لا فرق بين “الأصفر” كالصيني، و”الابيض” كما الاميركي والاوروبي، و”الاسود” كما الافارقة،

..وسخر الناس من محاولة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الشماتة بالصين التي كان رئيسها اول من اعلن عن هذا الوباء، ولم يتأخر رئيس المليار من البشر عن الذهاب إلى مدينة ووهان حيث ظهر الوباء لأول مرة… ثم جاءت “الضربة” عندما انتشر هذا الوباء في مدينة نيويورك ذات الملايين من السكان والعديد من المدن الاميركية الأخرى.


إن الانسان واحد، بغض النظر عن جنسه، ذكراً او انثى، وجنسيته ولونه، ابيض او حنطي او اسمر او اسود.

المرض يوحد، ولو بالتعاطف، بين الناس.. كأنما الناس لا ينتبهون لوحدة مصيرهم الا في ظل الوباء.. حتى وان تجنبوا زيارة المريض خوفاً من العدوى. وقدم كثير من اهل الخير شيئاً من المساعدة لجيرانهم او من لا يعرفون من الفقراء.


ليس لك الفضل في مساعدة المحتاجين من جيرانك الفقراء الذين، بسبب من أنانيتك، تفترض انهم مصدر الداء. إنك بذلك تحمي نفسك وعائلتك، فالتضامن بين اسباب الوقاية.

انها لحظة التضامن بين الناس بدافع من حماية المجتمع، بنسائه واطفاله ورجاله من هذا الخطر الذي لا يميز بين رجل وامرأة، بين غني وفقير.

ومن اسف أن الناس الذين قد يتضامنون مع بعضهم البعض اليوم، سيعودون إلى الافتراق والتنافس والتحاسد والكيدية ما أن يطمئنوا إلى أن الوباء قد ابتعد عنهم، فينتقلون فوراً إلى التباهي بأنهم “محصنون” بثرواتهم ضد الداء الذي لا يفرق بين غني وفقير ومتوسط الحال.

الناس اخوة.. والوباء عدو الجميع.

تعاطفوا تصحوا ..حماكم الله.

Exit mobile version