قصيراً في عمره كان موسم »القرنفل«، ما كاد يطلق عطره المُنشي في محيطه حتى جاء زمن الرحيل وخسرت الدبلوماسية اللبنانية واحداً من أكفأ السفراء، وخسر المجتمع، بنخبه الثقافية والسياسية، واحداً من نجومه: السفير سامي قرنفل.
الرجل الهادئ الذي لا تهزّه الأزمات، صاحب الصوت الخافت الذي يعتبر ارتفاع الصوت »عورة«، والدبلوماسي المدرب والمجرّب الذي يعرف كيف يتعامل مع الأمزجة المتقلبة والمتغيّرات السياسية، غاب عنا بينما تشتدّ الحاجة إلى أمثاله في زمن الصعوبة.
كثيرة هي المحطات التي ترك فيها السفير قرنفل شيئاً من عطره، ولكنني شخصياً لمست ذلك الأثر الطيب في ثلاث من المحطات هي: المغرب ومصر وأخيراً البعثة اللبنانية إلى الأمم المتحدة، في نيويورك.
كان »السفير الممتاز« يحرص على حماية العلاقة الشخصية الطيبة مع الجميع، لا سيما مع من تختلف مواقفهم عن »السياسة الرسمية« المعتمدة، معتبراً أن ما يجمع العرب من الأساسيات والثوابت يجب أن يُحمى ويُحفظ من التأثير السلبي للخلافات السياسية العارضة، والتي تختلط فيها الأمزجة بالمصالح، بالمواقف وكان سامي قرنفل يجد في السيدة زوجته خير معين..
قبل عشرة شهور »استضافنا« السفير قرنفل في نيويورك وما كنّا بضيوفه الشخصيين، ولكنه كعادته حيثما حلّ كان يعتبر نفسه مسؤولاً عن كل لبناني، يحطّ في محيط »سفارته«… بل إنه كثيراً ما اعتبر نفسه سفير العرب جميعاً، كما كانت حاله في الامم المتحدة.
ولم يكن بيته المضياف بأقل غنى من حديثه الذي يتدفق معلومات وتحليلاً فإذا أنت الوافد بمئات الأسئلة قد عرفت ما تفيدك معرفته في وقت قياسي في قصره تاركاً لك الاستنتاج.
سامي قرنفل: كثيرون مثلي يشعرون اليوم بحزن غامر.. لقد خسرنا صديقاً ممتازاً: رحمه الله وعوّضنا عنه كفاءة في مستواه.