غزة ـ حلمي موسى
لا جديد اليوم منذ يوم أمس سوى المزيد من المقاومة والمزيد من التدمير.
مباحثات الهدنة متوقفة تقريبا بعدما حاول العدو كسر المعادلة المتفق عليها حين ضمّ المجندات العسكريات الى قائمة النساء والأطفال، بينما رفضت المقاومة الافراج عن أي مجندة إسرائيلية. ورد الاحتلال بسحب مفاوضيه، فأعلنت المقاومة رفع شروطها ورفض التبادل إلا بعد وقف الحرب. وهنا أطلق العدّو دائرة الحرب المجنونة الدوران الرامية الى جلب المقاومة صاغرة الى طاولة المفاوضات عبر تصعيد المعركة وايصالها الى كل زاوية في القطاع شمالا ووسطا وجنوبا.
ورغم كثرة الأحاديث الأميركية عن تقييد القصف الاسرائيلي المجنون للمدنيين إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث. المجازر مستمرة في كل المناطق. أما حديث الاحتلال عن المنطقة الآمنة في المواصي فتقع في خانة التضليل والخداع عينها. فهذه المنطقة (طولها ٧ كلم وعرضها ٢ كلم) تقع على ساحل خانيونس، وهي من المناطق الأكثر عرضة للقصف من البحرية الاسرائيلية يوميا. كما ان طريق الساحل، المعروفة بشارع الرشيد، والتي يتوجب سلوكها للوصول إلى “المنطقة الآمنة”، فهي بالغة الخطورة في كل مقاطعها، وخصوصا بين دير البلح وخانيونس. ولذلك فإن الحديث عن “منطقة آمنة” هو أكثر من حديث فارغ. وهو جزء من سياسة البلبلة التي يتعمدها الجيش الاسرائيلي للايحاء بانه يتصرف وفق القواعد والقوانين الدولية في الحرب. وبالطبع هو لا يفعل ذلك.
لقد أوحى الجيش الإسرائيلي ان تقسيم قطاع غزة الى بلوكات تمّ لأسباب إنسانية: حصر الضرر في بلوكات معينة، وعدم جعل المناطق الأخرى في وضع الاحساس بالخطر. إلا أن ذلك كله عديم المعنى. فالخلط بين المناطق والتداخل في ما بينها جعل الجميع في حيرة أكبر. وعلى سبيل المثال، فان الإنذارات التي تم توجيهها للناس أمس، في خانيونس مثلا، طالت حوالي نصف سكان مدينة خانيونس وكل سكان بلدات شرقيها وسكان القرارة. أي أكثر من ثلثي سكان المحافظة. والأدهى ان القصف اشتد في غربي المدينة التي قال إنها منطقة آمنة ينبغي الفرار اليها.
وقد أشارت التهديدات الإسرائيلية لسكان خانيونس بالذهاب الى رفح مثلا، وهناك بدأ القصف المجنون وكأنما الاحتلال يرسل الناس الى حتفهم عمدا.
يمكن القول انه لا سياسة للاحتلال حاليا سوى القتل والتدمير ومزيدا من القتل والتدمير. ولا يبدو في الافق ان تحركا دوليا قريبا يمكن ان يوقف آلة الدمار. كل ما يمكن أن نأمله هو تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل، وتزايد فضح آلة الكذب الصهيونية، وازدياد المخاوف من عواقب الحرب على الأنظمة والاقتصاد في كثير من دول العالم، لعل ذلك قد يدفع لتحرك جديد ينهي الحرب. وحتى ذلك الحين يستمر القتل وتستمر المقاومة والنتيجة: لا يبدو ان اسرائيل تحقق أيا من اهدافها المعلنة.