طلال سلمان

الطائفيون يكذبون.. من يصدق العلمانيين؟

ليس مهما أن تحصل الانتخابات، وليس مهما أن لا تحصل. سيان.
النتائج معروفة. هؤلاء عائدون بأوزان مناسبة لقياسهم. لا جديد غير هذا القديم. التصريحات الاستفزازية هدفها “نقاوة التمثيل”. فلتنتخب كل جماعة حصتها من المجلس. زيادة حصة فريق طائفي لا تضفي على المشهد شيئاً. التيارات الطائفية، ستبقى على حالها. ستفاوض وتبتز وتعقد الصفقات وتعّدل في “التحالفات”، إلى ما شاء ربك. لن يسأل أحد عن الوقت الضائع، عن المصالح المسيّبة، عن الحقوق الملزمة، عن الكهرباء والبيئة والتربية والثقافة. المالية مضمونة نسبيا، والصراع هو فيها وحولها ومن عليها والى من ستؤول.
اللافت هو حماوة الاتصالات. ثماني سنوات متروكة لآخر ثماني ساعات.
لا مشكلة. سيتدبر اهل النظام المسألة. الا أن اللافت أكثر، هو عدم اهتمام الناس بالانتخابات. لا معارك انتخابية، غدا، في 90 بالمئة من الاراضي اللبنانية. لا جماهير تحتشد. كأن الناس تعرف قطيعها، ولا حاجة لاحد أن يدلها إلى طائفتها، لتمنح ممثليها الانقياء التمثيل الصحيح. وحدها الطوائف ومن معها ومن فيها، مطمئنة إلى كمية حصتها. النوعية ليست مقياساً، طالما أن “الزعيم” هو “الملهم” وخلفه بشر من صنف الماشية.
اللافت أكثر، المبعثرون في كل مكان، أقصد اللاطائفيين والعلمانيين وتيارات المجتمع المدني. هؤلاء الانقياء ضعفاء جداً. هؤلاء الغاضبون يغضب كل واحد على حدة. في كل واد يغضبون. انما، لا جمع لهم. أي لا يجمعون على حركة، او على مشروع، او على خطوات، او على برنامج، او على بديل. يختلفون على تفصيل في التفاصيل. هم اكثرية مبعثرة، قوة بلا تنظيم، ولا مؤقت، لخوض معركة سهلة جداً، في وجه خصوم خائفين، لولا الطائفية، لما كان لهم حس ولا احساس.
الحراك المدني من يكون؟ فقط هؤلاء؟ فقط الذين يتبارون عن جد في الكفاح من اجل وطن جديد، ولكن، بالتقسيط؟
ليت هؤلاء، يتنازلون عن كل خصوصية، من اجل مسألة عمومية، هي كيفية خوض هذه المعركة الانتخابية، الاستثنائية، من حيث غياب اللاطائفيين والعلمانيين عنها. لا اقصد الاحزاب، بل التيارات والجمعيات والمنتديات وجماعات المجتمع المدني.
مشكلتهم، انهم يضعون المشكلات كعصي في الدواليب؟
نسألهم، ما علاقتكم بهذه الطبقة السياسية الطائفية، التي تجدد لنفسها كيفما كان القانون؟ لماذا تذهبون إلى حيث يقيمون؟ هم سينجحون أكان القانون نسبيا او اكثرياً، او بعشر دوائر وخمس عشرة دائرة، ستؤول إلى الطائفة ليكتمل نفاءها العنصري.
لا مشكلة في آليات القانون. كل القوانين تصبح صالحة بدرجات متفاوتة، إذا حُلَّت القضية الاساسية حُلت. القضية ليست في شكل النظام وآلياته، بل في طائفيته. وكل ما عدا ذلك استدراج للوقوع في الجدل الطائفي البيزنطي. فالكل سواسية كأسنان المشط، وللتأكيد، تذكروا كيف تم انتخاب الرئيس وكيف تؤلف الوزارات. لا خاسر بينهم. المشكلة في الاوزان فقط، وفي زندقة المعارك حول الكهرباء والبيئة والفساد وال…الخ.
ماذا لو اتفق العلمانيون على السلبية، فقرروا الاقتراع بالورقة البيضاء؟
ولتبدأ الحملة من الآن: الورقة البيضاء في مواجهة المجلس الدامس؟ ماذا لو قرروا المقاطعة؟ القطيعة مع النظام وأهله، شرط من شروط العلمانية الحقيقية والمدنية الملتزمة واللاطائفية الصادقة. ابقاء الصلات بجماعات الغزو الطائفي انتخابيا، خدمة تصلح إلى حد الخيانة الفعلية للعلمانية.
مشكلة الديموقراطية في لبنان، ليست في نصوصها بل هي في الاساس، بالميثاقية المربوطة بحوافر الطائفية. فلماذا، لا يكون الشعار للعلمانيين واشقائهم: طبقوا الدستور واتفاق الطائف، واذهبوا إلى وضع كل قضية في مكانها الطبيعي: السياسة في البرلمان، والحكومة والرئاسة والمؤسسات. الميثاقية في مجلس الشيوخ الممثل للعائلات الروحية؟
فلينقذنا العلمانيون من تشتتهم كالفتات، فلتتقدم التيارات المدنية الصفوف، موحدة. هنا بداية الطريق، وكل طريق آخر، غلط، لأنه يعول على الطائفيين.
مسموح أن تقلدوا الطائفيين في مسألة واحدة:
انهم متضامنون، برغم خلافاتهم.
فتضامنوا مثلهم، ضدهم.

Exit mobile version