طلال سلمان

الضريبة على فائدة الودائع المصرفية

1 ـ لم اسمع احداً يجاهر برغبته في رفع العبء الضريبي (بما في ذلك عبء الرسوم وأسعار السلع والخدمات التي يبيعها القطاع العام) على ذوي الدخل المحدود أو حتى على ذوي متوسطي الدخل، وذلك طيلة ماراتون نقاش مشروع موازنة سنة 2019 المستمر عرضه بلا انقطاع منذ فترة غير وجيزة!

بل عل العكس، فإن جميع المسؤولين، وذوي الشأن واصحاب العلاقة لا يترددون في التأكيد بشكل مستمر وجازم بأن التقشف المطلوب وزيادة واردات الخزينة وترشيق القطاع العام الخ.. يجب أن لا يؤثر سلباً على الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود!

2 ـ وبالرغم من كل ذلك، فإننا لم نسمع اعتراضاً جدياً واحداً على رغبة الحكومة في رفع معدل الضريبة على فائدة الودائع المصرفية من 7% إلى 10% دفعة واحدة (أي بنسبة 43% تقريبا وليس 3% كما يدعي البعض!!!). مع أن هذه الضريبة اياها تم رفعها منذ وقت غير بعيد بنسبة 40%!!! أي من 5% إلى 7%!!! كل ذلك دون أن ننسى الاشارة إلى الاعتراض الخجول الذي ابداه بعض المصرفيين، وفي أوقات متباعدة، بحيث ظهروا وكأنهم يستدرجون المسؤولين لمقايضة ما في هذا المجال.

3 ـ مع العلم ايضاً أن رفع الضريبة على فائدة الودائع المصرفية بهذه النسبة المرتفعة، وبدفعة واحدة، لا بدّ وان يُلحق الضرر الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي الجسيم بشريحة كبيرة ومهمشة من اللبنانيين: وهم جمهور المتقاعدين والمسنين، والارامل والايتام وكل من يعتاش عملياً من فائدة ما تمكن من ادخاره وايداعه أحد المصارف.

4 ـ يجب أن لا يُفهم من كلامنا هذا اننا ضد تحميل القادرين على دفع المزيد من الاعباء الضريبية. قطعاً لا! ولكن القاعدة الذهبية في علم الضريبة هي أن تتناسب الضريبة مع قدرة المكلف على الدفع. بحيث كلما زادت قدرة المكلف على الدفع توجب أن يزيد العبء الضريبي عليه! فالعدالة الضريبية تكون في ان يعامَل المتساوون اقتصاديا بالتساوي ضريبياً؟ وان يُعامل غير المتساوي اقتصادياً بغير تساوٍ نسبة إلى ما يكلف به من ضرائب!!!

5 ـ وفي مجال الضريبة على فائدة الودائع المصرفية، فإن قوانين ضرائب الدخل في لبنان قد اعتمدت مبدأ العدالة الضريبية منذ سنوات طويلة، وذلك عبر اعتماد مبدأ “التنزيل” الضريبي على الأساس: أي اعفاء القسم الادنى من الدخل (حتى الدخل من المسكن) من الضريبة. وهو مبدأ يستند إلى فلسفة العدالة الضريبية، أي أن يتناسب العبء الضريبي مع قدرة المكلف على الدفع.

6 ـ وعليه، فنحن نسأل المسؤولين: لماذا لا يُطبق مبدأ التنزيل هذا، المعتمد في نظام لبنان الضرائبي منذ سنوات عديدة، على ضريبة الفائدة على الودائع المصرفية ؟؟؟ فيعُفى من هذه الضريبة مبلغ معين من الفائدة على الودائع؟ كأن يكون الاعفاء بمبلغ مليون ليرة شهرياً مثلاً، او، أفضل، أن يكون الاعفاء موازياً للحد الادنى للأجور او أي مضاعف له!!! وتخضع للضريبة المبالغ التي تزيد عن هذا الحد الادنى المعفى؟؟؟ فكروا فيها!!!

Exit mobile version