طلال سلمان

الصراع على لبنان: أميركا ام ايران؟

الخلاصة اولاً: تعبنا. فشلنا. يئسنا. خسرنا… لبنان ليس لنا. ولن يكون ابداً. كان الظن ان لبنان ملك ” ملوك الطوائف” الحقيرين. تبين لنا، بعد تأليف الحكومة الحالية، ان لبنان موطئ أقدام دول وممالك وامارات وحكومات من كل القارات، وان “ملوك الطوائف” عندنا مطيعون لأسيادهم. يسيرون حذو الجبهة بالنعل.

مسكين “المواطن” اللبناني. ظن أن شعار “لا شرق ولا غرب”، هو شعار جدي وتنفيذه سهل جداً. يكفي أن نكتبه حبراً على ورق حتى يصير واقعاً على أرض السياسة… صدقاً، ولا مرة كان لبنان إلا مقاماً، لا ممراً، لكل الدول الراغبة باستثمار قوتها في المنطقة… إنه ليس ممراً، بل هو مستقر، ومستعد لاستقبال المزيد. في لبنان اليوم، وهو المثقل بانهياراته، عدد من الدول البعيدة والقريبة، ولا نحتاج إلى برهان. يكفي أن نسمع نشرات الأخبار، وخطب “الخطباء” وتحليلات المرتهنين، حتى ندرك، أن الولايات المتحدة الأميركية هي هنا، وكلمتها آمرة ومسموعة، وجماعتها: سمعاً وطاعة. فرنسا الحنون هنا. حائرة بين الرئاسات الثلاث. حضور رخو، ولكنه موجود دائماً. وهذه المرة قامت بتهديد من لا يمتثل لنصائحها. ولكنها لم تنفذ. السعودية متواجدة بأكثر من حالة. راقبوا الاعلام المسموع. غيَّرت مكان إقامتها من السنية البيروتية إلى المارونية “على سنة الرمح”. وهي قادرة على المنع والفرض والاخضاع والأمر بمنازلة الشيعية المقاومة. إيران هنا. ولا حاجة إلى دليل. وكيلها العسكري والسياسي والديني، يكاد يكون الأقوى من كل الأقوياء في الداخل والخارج، أميركا كلها ضده و “يا جبل ما يهزك ريح”. إيران هناك وهنالك وها هنا عندنا. تركيا ليست بعيدة عنا. طموحها، عندنا أقوى من أقدامها. الساحة مفتوحة ومرحبة شمالاً وجنوباً. إنها قادمة وستقيم عندنا. سوريا عائدة، الغاز أولاً والسياسة ثانياً، وحلفاء سوريا أقوياء، بحاجة إلى طريق آمن، كي لا ينفرط العقد الحكومي الهلامي… من بعد؟ أجرؤ على القول، أن لإسرائيل مواقع سياسية علنية. عندما تقارن بين الحلفاء والأعداء، لا تصفها في مصاف الأعداء… عداؤها للمقاومة أكبر بكثير من أي عداء، إذا وجد… إسرائيل إذاً موجودة عندنا، عبر قوى محكومة طائفياً وحاكمة سياسياً، برضى الأفرقاء المتحاربين جميعاً، أكانوا نواباً أو وزراء أو … هلم جراً.

اتفق الأعداء على”إنقاذ لبنان” من اللبنانيين. أعادوا الأمور إلى حظائرها. الحكومة “الجديدة”، نسخة مهلهلة عن حكومات محكومة بمن فوقها، ولا تحكم إلا بعد اتصال هاتفي آمر. السرايا، في لبنان، ليست مقر الحكومة أبداً. قرارتها يلزمها بصمة بري ونصرالله والحريري وجنبلاط وعون، ممثلاً لباسيل، إلى آخره… إنما هذه المرة الأمرة العليا، هي في السفارات، بحيث يمكن أن يقال أن هذه الحكومة هي “حكومة السفراء”.

لابأس سياسياً، المهم أن التنافس الصراعي بين التيارين المتعاديين اقليمياً ودولياً، سيكون في “التهافت” على مساعدة لبنان. هل هذا وهم أم حلم؟ اللبنانيون، حتى الآن وغداً، ذاقوا مرارة الفقر والذل والحرمان والمرض والبطالة والبؤس والمجهول…. عدد اللبنانيين الذين يكرهون لبنان الراهن، لا تعداد له. صدور الناس مليئة حقداً على “الصفوة الطائفية” التي تحكمت ونهبت لبنان، ونهبت مدخرات الغلابى وجنى العمر… الأقسى، أن “الصفوة الطائفية” الفتنة، ألغت المستقبل. ليس أمام اللبناني خشبة خلاصة ركيكة. لا مستقبل قريب ولا صبر على انتظار البعيد أو المستحيل.

السؤال المتفائل الوحيد: هل ستقدر هذه الحكومة المحكومة، أن توقف الانهيار وكيف؟ هل ستستجيب لألفباء الدواء والغذاء والكهرباء والتعليم وجنون الأسعار… الظن الغالب، أن التعويل سيكون على الوعود، وليس على التنفيذ. لقد تحول لبنان إلى سوق سوداء، واللبنانيون متوسلون ومتسولون للحاجات الأساسية… أي بؤس أيها البؤساء.

فلنتفاءل قليلاً. سيتنافس المحوران في تقديم الدعم للبنان. إيران كانت سباقة، من الثاني؟ أميركا لن تمد يدها إلى جيبها، ستجول على الصناديق والمؤسسات والإمارات، كي تكتمل الضغوط على المحور الإيراني… حسناً. فليكن التنافس بالدعم وليس بالعدم. فلننتظر غداً وقريباً، لأن الانقاذ يبدأ من عنوان المساعدات. لا مساعدات، يعني لا حلول. يعني: عذراً أيها البؤساء.

الغائبون عن المشهد، سلالات “الثوار” الذين دشنوا في 17 تشرين عهداً جديداً. لم تكتمل حلقاته. تسأل عنهم. أين هم؟ أما زالوا يعدون الأوراق كي يتفقوا على بديهيات؟ هل هم مصرون على أن تكون وحدتهم من المستحيلات؟ أين هم؟ هل صحيح أنهم يراهنون على التغيير بواسطة الانتخابات؟

عفواً. قليلاً من التعقل. الانتخابات في غياب “قوى التغيير” التي أصبحت ظلالاً متنائية، لن تنتج إلا هذه السلالات بالذات. قد تتغير الأسماء، ولن تتغير أبداً القاعدة الطائفية. كيف يراهن على انتخابات طائفية، بقانون طائفي، و”مواطن” طائفي. هل من يراهن على نتائج مبرمة منذ الآن: الثنائي الشيعي مطمئن جداً. الأحادية الدرزية تخترق بدرزي بصعوبة كبيرة. الرباعي السني سيتوزع النواب، الموارنة سيخوضون حرباً بنتائج لا يمكن التكهن بنهاياتها، ولكن المؤكد أن “العونية” ستمثل وكذلك “القوات”. يضاف إلى ذلك فتات الموائد التي ستسرع للالتحاق بأسرابها ونعاجها.

على ماذا تراهنون؟

مؤسف جداً أن يكون الأفق مسدوداً.

نعوم تشومسكي يقول، أن في العالم ثلاث دكتاتوريات. النازية والشيوعية وانعدام الأفق…

اللبناني هو هذا البائس والذي لا يرى أي افق في الاتجاهات كلها. لذا، لبنان الماضي انتهى. وكل ما يعوَّل عليه أن يعيد من دمر وخرب ونهب لبنان، بناء الكيان.

بود كثير من اللبنانيين أن يقولوا وداعاً لبنان. ومن لا يجرؤ على ذلك، يقول: الله يستر من القادم.

اللعنة عليكم. حرام عليكم السلام. وأفضل دعاء، هو: (ضع اللعنة المناسبة على حسابك).

Exit mobile version