على السوريين الذين يُؤرِّخون الآن لواقعة إلغاء قانون قيصر، أن يتذكروا أنه في هذا اليوم أيضاً كرَّس الرئيس ترامب الهدية التي كان قد قدمها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال ولايته الأولى: الجولان السوري!
لا أحد يريد تنغيص فرحة السوريين بزوال هذا الكابوس، فقد كان قانون قيصر ظالماً يوم إقراره وبقي ظالماً حتى لحظة زواله، وسيبقى ظالماً طالما لم تنتهِ كل آثاره ومُخلَّفاته وما نجم عنه من انهيار في مستوى معيشة السوريين. وهو قانون، تذكيراً، لم يؤذِ في نهاية المطاف سوى الشعب السوري بمختلف أطيافه، ولم يُساهم إطلاقاً بإسقاط النظام السابق، والذي انتهى – كما رأينا جميعاً – في ظروف مختلفة ولأسبابٍ أخرى، لا يزال بعضها غامضاً إلى اليوم.
الاحتفال إذن حق للسوريين، لا خلاف على ذلك، طالما لم ننسَ أن الجولان أيضاً حقٌ سوري وهو للسوريين، وأن التفريط به جريمة.
ترامب، الذي لا يعرف إلا لغة الدولار، قال بالحرف الواحد في نفس اللحظة تقريباً التي كان السوريون يحتفلون بها : «وقَّعتُ على نقل حقوق الجولان إلى إسرائيل. كانوا يعملون على هذا الأمر منذ سبعين عاماً، ولم يفعل أحد شيئاً، لكنني فعلتُه وبسرعة. لاحقاً أدركتُ قيمتها، فقد تُساوي تريليونات الدولارات، فقلتُ: ربما كان ينبغي أن أطلب شيئاً بالمقابل».
وقَّعْتَ؟ وما هو المستند القانوني الذي يُعطيه الحق بالتوقيع على ما لا يملك؟ وماذا طلب مقابل ذلك؟ ربما يجب على “أصدقاء” ترامب من السوريين المفتونين به، لفت نظره إلى هذه البديهية، أو المغامرة بمعاتبته بـمودة: ولو… مو على أساس نحْنا أصحاب؟
لا يكفي، في هذا الإطار، الاكتفاء بطلب العودة إلى اتفاق فض الاشتباك لعام ١٩٧٤، كما تطالب الدبلوماسية السورية. قد يكون البلد ضعيفاً اليوم، ومن الصحيح أنه لا يملك القدرة على مواجهة الوحش، لكن هذا شيء والاستناد إلى القانون الدولي الذي يؤكد على سورية الجولان، شيءٌ آخر. لا أحد يطالب البلد بما لا طاقة له عليه، لكن أضعف الإيمان هو التمسك بكل سنتيمتر من جغرافيا البلد، وهي جغرافيا تتضاءل شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً… إلا إذا ما صدَّقنا المفوض السامي الجديد، مستر براك ونبوءات ما بعد سايكس-بيكو التي يُتحفنا بها كل يوم.
