طلال سلمان

الثورة مستمرة

كشف الحراك الشعبي العظيم الذي نشهده منذ ثلاثة شهور طويلة أن النظام في لبنان، بالرئاسات والحكومات ومجلس النواب والادارات والمؤسسات المختلفة، أعظم فساداً من أي تقدير.

لا ادارة سوية، لا مؤسسة سوية، والمراسيم والقرارات هي، بمجملها، ظالمة للناس واسوأ من أي تقدير، والفساد يشمل القطاعين العام والخاص، بعنوان المصارف والشركات المساهمة التي تضارب بأموال الناس.

من هنا كان توجه المتظاهرين بغضبهم إلى الوزارات والادارات والمصارف والمؤسسات العامة المؤجرة لأصحاب الحظوة من الخاصة (اوجيرو، مثلاً)..

لقد اثبت اللبنانيون، فضلاً عن تأكيد وحدتهم، انهم يعرفون “دولتهم” التي لا تعرفهم، اكثر مما يقدر المسؤولون فيها: يعرفون المسؤول الفاسد وارتكاباته، والمرابون باسم المصارف الذين يتاجرون بأموال الناس ويجنون الارباح المحترمة من ودائعهم والقروض مرتفعة الفوائد، ويعرفون مكامن الفساد في الدولة كما في القطاع الخاص.. بل انهم يعرفون اكثر من الوزراء والادارات العامة، والنواب، بطبيعة الحال.. وباختصار فهم يعرفون الدولة وخباياها وفضائح المسؤولين فيها اكثر مما يقدر هؤلاء ويحسبون ويتحسبون..

بل لقد تبين “على الارض” ما يتجاوز تقدير المتظاهرين أنفسهم: اننا بلا دولة! فدولتنا اشبه بشركة مساهمة بين النافذين، يتبادلون الخدمات ويتقاسمون الارباح، وكل وظيفة بثمن: الضابط بآلاف الدولارات، والدركي بألف على الاقل، والمدير العام بتقبيل العتبات غير المقدسة لكبار المسؤولين وهكذا دواليك..


لن يتعب الشعب من تظاهرات الاحتجاج والغضب والمطالبة بإسقاط رموز الفساد المفضوح والمعروف في الادارات والمؤسسات العامة والخاصة.

لن يهدأ هذا الشعب ولن يستكين.

لن تفرق جماهيره المحتشدة في الميادين محاولات اثارة الفتنة، ولا محاولات خداع الجماهير بتصريحات ملتبسة، حتى لا نقول انها كاذبة، ولن ينجح المهولون بخراب البلد في ترويج الكذبة القائلة بأن المتظاهرين يضرون بالاقتصاد الوطني ويتسببون بانخفاض سعر الليرة حيال الدولار الذي لا يُقهر!

Exit mobile version