طلال سلمان

الثلج = الخير

من زمان اختفى الثلج من حياتنا اليومية، واختفت معه ذكريات الطفولة المتصلة بموسمه المفرح: نصب التماثيل المن ثلج مع تقصد أن تبدو شبيهه قدر الامكان بمن لا نحب من اساتذة المدرسة القساة، او من الجيران البخلاء، او من الصبايا التي نتوهم اننا نحبهم ولا يطقن ذكرنا.

صرنا نحكي لأطفالنا عن الثلج وكأنه مخلوق وهمي لا يظهر الا في البلاد البعيدة فنتفرج على صور الجبال المكللة بالتاج الابيض، وأبطال التزلج وهم ينحدرون على التلال فيتعرجون مع ثنياها ويمرحون ويضحك بعضهم من خبرة بعض رفاقهم وغرقهم في اكوام الثلج وهم يحاولون استعادة اعتبارهم بالوقوف والسعي لتكرار التجربة بنجاح.

ذهب الخير مع الثلج، يقول الاجداد، وهم يستذكرون كيف كانوا يتعاونون على جرفه عن سطوح البيوت من تراب، وكيف كانوا يتراشقون بكرات منه، وكأنهم في ميدان الحرب، ويمدهم اللعب بطاقة اضافية تجعلهم ينسون الصقيع بالنفخ على ايديهم وقد جمعوا اصابعهم المثلجة حتى يأتيها الدفء من أنفاسهم..

ولكم كان يفرح الصبية والفتيات حين يستيقظون مع الصباح ليروا الجبال مكللة بالأبيض والثلوج تغطي سطوح البيوت وتسد الطرقات مستولدة لهم العذر في الغياب عن المدرسة واللعب بكرات الثلج بديلاً من إنهاك العيون والعقول بمراجعة المقرر من الدروس.

هذه الايام يعيش اطفالنا فرح “اكتشاف” الثلج، وانسداد الطرقات الجبلية، والعطلة الاجبارية التي “منحها” البرد للتلامذة الذي كان كل منهم يحمل ـ مع الكتب ـ بعض الحطب لمدفأة الصف.

“راح الخير مع اهله” تقول العجائز. وقد يضيف بعضهن فيقلن: طبعاً، سوف يخترع البعض الثلج الصناعي، لكن الطبيعة لا تعوض.. ولذلك فنحن نعيش ولا شيء في حياتنا طبيعيا.. حتى الثلج في البَرَاد وليس على رؤوس الجبال يغمر الارض بالخير!

Exit mobile version